"سيبقون في التسلل.. وسيبقون مع ابن سلول".. هكذا وصف الرئيس التونسى قيس سعيد قيادات حركة النهضة، في بلاده خلال زيارته لوزارة الداخلية، والوحدة المختصة للحرس الوطنى، متوعدا بإجراءات حاسمة ضد من تسول له التسلل لمفاصل الدولة، مؤكدا فشل كل المحاولات التي تهدف في الأساس إلى تفتيت الدولة وتقسيمها، ومعربا في الوقت نفسه عن ثقته المطلقة في رجال الأمن في التصدي لكافة المحاولات التي تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار البلاد.
ولعل استحضار عبد الله سلول، فى أحاديث تونس السياسية ليس بالأمر الجديد تماما، فقد سبق وأن استخدم الرئيس التونسى نفس الرجل لتشبيه قيادات النهضة به، وهو ما يمثل انعكاسا صريحا لإدراك سعيد، للأسلوب الذى تدير به الحركة، ومن ورائها جماعة الإخوان الإرهابية، عملها في مجال السياسة، سواء في بلاده أو غيرها من البلدان الأخرى، وهو ما يثير التساؤل حول ماهية التشابه بين الجماعة والشخصية التاريخية، التي لقبت بـ"رأس النفاق"، في التاريخ الإسلامي.
يرجع تاريخ عبد الله بن سلول، إلى عهد النبى محمد، وكان معروفا بأسلوبه المهادن، بينما كان النفاق أهم سماته، حتى أطلق عليه "رأس النفاق"، في ظل إظهار مواقف لا تعكس حقيقة كراهيته وحقده للدين الإسلامي، والذى كان يراه سببا رئيسيا في حرمانه من السلطة، التي كان اقترب منها في مدينة يثرب.
تعود قصة ابن سلول إلى الصراع بين الأوس والخزرج، في مدينة يثرب، والذى انتهى إلى اتفاق بينهما، يفضى إلى تنصيب ابن سلول حاكما على المدينة، إلا أن تنصيبه لم يتم، عندما دخل الإسلام إلى المدينة، ووصول النبى محمد لها، فكان بداية لمسلسل من الخيانة، حيث أعلن دخوله إلى الإسلام، بينما عمل ضد مصالح المسلمين، في الخفاء، وذلك للسيطرة على مقاليد الأمور في المدينة.
وتجسدت خيانة ابن سلول، في العديد من المواقف أهمها في غزوة أحد، عندما انسحب بحوالي 300 جندي، وهو ما يعادل ثلث قوة المسلمين، في المعركة، وهو الأمر الذى ساهم بصورة كبيرة في هزيمة المسلمين.
ولم تقتصر خيانة ابن سلول، على مجرد الانسحاب من غزوة أحد، ولكن سعى إلى الوقيعة بين المسلمين، لإثارة الانقسام بينهم، وخلق حالة من التمرد ضد الرسول، حيث كان يدعوهم إلى الامتناع عن دفع الزكاة، حتى أن ابنه عبد الله، ذهب إلى النبى وطلب منه السماح له بقتل أبيه، إلا أن الرفض كان قاطعا من قبل الرسول، حتى لا يقال أن النبى يقتل أصحابه.
وهنا تتجلى تشابهات عديدة، بين عبد الله بن سلول وجماعة الإخوان الإرهابية، أهمها الخيانة، والتلون، عبر تبنى خطابات تحمل وعودا براقة، بينما تخفى في حقيقتها نوايا مسمومة للأوطان، عبر تقسيمهم، وإثارة نزعات الفوضى وعدم الاستقرار، وتأليب الشعوب على حكامهم، حيث يبقى هدفهم، امتدادا لطموح ابن سلول المشبوه، وهو الوصول إلى كرسى السلطة، حتى وإن كان السبيل إلى ذلك هو إغراق شعوبهم في بحور من دماء، أو بيع مقدرات الأوطان، أو حتى التخلي عن الدين.