تمر اليوم الذكرى الـ212 على نفى الزعيم الوطنى عمر مكرم إلى دمياط بقرار من محمد على باشا على الرغم من الدور الذى لعبه عمر فى وصول محمد على إلى حكم مصر فى عام 1805، إذ غادر الزعيم عمر مكرم إلى منفاه فى مثل هذا اليوم فى 12 أغسطس 1809م.
لعب عمر مكرم، الدور الأبرز فى سقوط حكم خورشيد باشا، وتنصيب محمد على باشا واليًا على مصر فى عام 1805، وبعد مرور 4 سنوات من الحكم فرض محمد على باشا ضرائب على الشعب المصرى، فاعترض الناس، وقاموا باللجوء إلى عمر مكرم، ورغم العلاقة الكبيرة التى كانت تجمع بين الرجلين، والذى كان سببا رئيسيا فى وصول محمد على إلى سدة حكم مصر العثمانية آنذاك، لكن الخلاف دب بينهم وأشعل نار الغضب بين نقيب الأشراف والوالى العثمانى، فتسبب فى ذلك النفى، فما هو سبب تلك الخلافات.
وتذكر المصادر أيضًا أنه حينما استقرت الأمور لمحمد على خاف من نفوذ العلماء فنفى عمر مكرم إلى دمياط سنة 1222هـ، وأقام بها أربعة أعوام، ثم نفاه إلى طنطا وتوفى فى سنة 1237هــ/1822م. وكانت لعمر مكرم مواقف صلبة فى مواجهة ظلم الولاة المماليك الذين عاصرهم من حكام مصر مثل: إبراهيم بيك، ومراد بيك، وأحمد خورشيد.
ومن القليل النادر الذى تذكره المصادر عن علاقة السيد عمر مكرم بالأوقاف ما يذكره الجبرتى، وهو مؤرخ معاصر له، من أنه دافع عن أراضى الأوقاف، واعترض على قيام الوالى محمد على باشا بفرض ضرائب باهظة عليها، فى حين أنها كانت معفاة منها قبل أن يصير واليًا على مصر. ورغم اعتراف محمد على بفضل السيد عمر مكرم، إلا أنه لم يتحمل معارضته، فعزله من نقابة الأشراف، ونفاه إلى دمياط، ثم إلى طنطا حتى وفاته كما سلف القول.
ويقول صلاح عيسى، الكاتب الصحفى، إن النفى كان نهجا متبعا فى تلك الفترة مع أى اختلاف فى وجهات النظر وكان نفى محمد على لمكرم قد تم فى سياق رغبة محمد على ترسيخ السلطة والتفرغ لبناء الدولة، ولعل نفى عمر مكرم كان نتيجة لاختلاف المشايخ والعلماء فيما بينهم، ورفعوا محمد على للحكم كما تعرض الكثير من أولئك الشيوخ لإغراءات السلطة.
وبحسب كتاب "محمد على باشا (تاجر التبغ على عرش مصر)" للكاتب نشأت الديهى، فإن الخلاف اشتد بين العلماء فى الوقت الذى عم فيه البلاء والغلاء ونقصت الأغلال ونقص معها إيراد النيل، وعم القحط وبدأ الناس يلجأون للعلماء مستغيثين بهم، لإعفائهم من الضرائب التى أفسدت حياتهم، وبدأ العلماء بدورهم يلجأون إلى الباشا محمد على يطالبونه بالكف عن فرض ضرائب جديدة وتقليل الضرائب القديمة ورفع المظالم، لكن محمد على غضب غضبا شديدا، ونسب إليهم ظلم الأهالى.
وكان لهذه الأحداث الأثر الأكبر على اتساع الخلاف بين محمد على باشا وعمر مكرم، لأن نقيب الأشراف وقتها، ظل يطالب برفع المظالم، وكان طلبه بعزة وإباء وشموخ، إذ كان يشعر أنه صاحب الحق وصاحب اليد الطولى ومن حقه مخاطبة الباشا بلغة حادة وعنيقة لمصلحة الجماهير والأهالى، فأرسل محمد على إليه ليكى يحضر إلى القلعة للتباحث والتشاور لكن الرجل رفض ورفض إجابة طلبه، قبل أن تتم رفع المظالم أولا، وبدأت الرسل تتوالى بين الباشا والنقيب وكان كلاهما يصر على موقفه وكان العلماء المتصارعون يسعون بينهما بالغيبة والنميمة حتى اتسعت الهوة بين الرجلين.