تمر اليوم ذكرى وقوع معركة عسقلان، والتى وقعت فى 12 أغسطس 1099 م (13 رمضان 492 هـ) بعد فترة وجيزة من حصار بيت المقدس فى نفس العام، وتعتبر آخر معارك الحملة الصليبية الأولى، دارت المعركة بين جيش الصليبيين الفرنجة تحت قيادة جودفرى وجيش الفاطميين على أرض قرية حمامة التى كانت تتبع عسقلان، انتهت المعركة بهزيمة ودحر الجيش الفاطمى المتفوق عددياً، ما ضمن للصليبين الأمان فى مملكة بيت المقدس.
كان الصليبيون قد حققوا هدفهم الأساسى من تلك الحملة المتمثل فى الاستيلاء على بيت المقدس فى 15 يوليو 1099. علم الصليبيون فى أوائل أغسطس بقدوم جيش الفاطميين لغزوهم وقد بلغ تعداده 20,000 جندى بقيادة الوزير الأفضل شاهنشاه. فبادرهم الجيش الصليبى الذى بلغ تعداده 10,200 بالهجوم، وخرجوا تاركين المدينة فى 10 أغسطس ليخاطروا بكل شىء فى معركة كبيرة ضد جيش المسلمين المقترب.
سار الصليبيون حفاء حاملين معهم بقايا الصليب الحقيقي، برفقة البطريرك أرنولف التشوكيوسي. سار الجيش الصليبى جنوباً من مدينة القدس، حتى اقترب من محيط عسقلان فى الحادى عشر من أغسطس وقاموا بالتقاط جَسّاسين مصريين كشفوا عن اسْتِعْدادات وقوة الجيش الفاطمي.
فى فجر يوم 12 أغسطس، شن الجيش الصليبى هجومًا مفاجئًا على الجيش الفاطمى الذى كان لا يزال نائماً فى معسكره خارج أسوار عسقلان وقت الهجوم.
وفشل الفاطميون فى نشر ما يكفى من الحراس، ولم يتبق منهم سوى جزء من جيشهم قادرا على القتال. هزم الصليبيون المشاة الفاطميين ناقصى العدة بسرعة، بينما لم يتمكن الفرسان الفاطميون إلا بالكاد من القتال وانتهت المعركة فى أقل من ساعة.
وصل الفرسان الصليبيون إلى وسط المخيم، واستولوا على بيرق (لواء) الوزير وأمتعته الشخصية، بما فى ذلك سيفه. تمكنت سيوف الإفرنج من الفاطميين، فأتى القتل على الراجل والمطوعة وأهل القرية، وكانوا زهاء عشرة آلاف نفس، وهو عدد يدل على المشاركة الواسعة للمقاومة الشعبية.
لجأ المقاومون بعد الهزيمة التى لحقت بهم إلى تسلق أشجار الجميز ليحتموا بها، فعد الصليبيون إلى إحراق تلك الأشجار حتى هلك من فيها، وقتلوا من خرج منها على حد قول ابن أثير. وفر الوزير على سفينة راجعا إلى مصر. قتل الصليبيون الناجين وجمعوا كمية كبيرة من السلائب. قدر المؤرخ الدمشقى ابن القلانسى خسائر الفاطميين فى تلك المعركة ب12,700 قتيل.
وقد أغرى الانتصار الذى حققته القوات الصليبية فى معركة عسقلان جودفرى لحصار مدينة عسقلان بغية احتلالها بعدما فشلت أولى محاولات المسلمين لاستعادة بيت المقدس وانتهائها بهزيمة تامة، وبالفعل نازل الفرنج عسقلان وضايقوها، فنهض سكانها للدفاع عنها فى مقاومة شعبيية لا مثيل لها، إذ استشهد نتيجة صد هذا العدوان من أهل عسقلان من شهودها وتجارها وأحداثها سوى أجنادها ألفان وسبعمائة نفس.
كانت الحامية العسكرية الفاطمية فى عسقلان على استعداد للاستسلام فقط لريمون تولوز، وهو شرط لم يقبله غودفرى ولكنه فشل فى الاستيلاء على المدينة أمام صمود أهلها الشعبى فقرر الصليبيون رفع الحصار عن المدينة بعد أن قرروا عليها عشرين ألف دينار تحمل لهم. ظلت القاعدة الفاطمية فى عسقلان شوكة فى خصر مملكة بيت المقدس الصليبية ولم تسقط حتى عام 1153.