قال الشاعر والناقد أحمد حسن عوض: "صلاح عبد الصبور، تأثير كبير في الحياة الثقافية المصرية بشكل خاص وفى الادب العرب الحديث شعرا ومسرحا بشكل عام، لأن "عبد الصبور" كان حاضرا في ظرف تاريخى مختلف ومفصلى، فقد تفتح وعيه وقد انهارت المدرسة الرومانسية ولم تعد صالحة لمخاطبة الوعى الحديث والتغيرات الجوهرية الكبرى على مستوى العالم أو مصر، فاستجاب الشعر بشكل وازدهرت مدرسة قصيدة التفعيلة التي كان يطلق عليها الشعر الحر، لأنها توازت مع مسارات الحرية التي كانت تنشدها اقطار الوطن العربى، فتحررت معظم الأقطار من براثن الاستعمار.
وتمر اليوم الذكرى الأربعين على وفاة الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور، إذ رحل عن عالمنا فى 14 أغسطس من عام 1981، إذ يعد أحد أهم رواد حركة الشعر الحر العربى ومن رموز الحداثة العربية المتأثرة بالفكر الغربي، كما يعدّ واحداً من الشعراء العرب القلائل الذين أضافوا مساهمة بارزة فى التأليف المسرحي، خاصة فى مسرحيته "مأساة الحلاج"، وفى التنظير للشعر الحر.
وأضاف "حسن عوض" في تصريحات خاصة لـ"انفراد": "والتحق صلاح عبد الصبور، بالجامعة وكانت تمور مورا شديدا بكل التغيرات وكان يستمع إلى الأسماء المذاهب الجديدة ليل نهار، وأسماء الشعراء العالميين والأدباء الكبار، وفى هذا الإطار كانت الحياة مهيئة لأن يحدث تغير مفصلى، كان صلاح عبد الصبور أحد أركانه الكبار، واستطاع ان يتخلص من بقايا الرومانسية التي كان يمثلها على محمود طه، محمود حسن إسماعيل، وإبراهيم ناجى، وبدأ يكتب قصيدته الحديثة، وكان في ذلك الإطار أيضا عدد كبير من النقاد المتحمسين للجديد يروجوا للظاهرة الجديدة المسماة شعر التفعيلة.
وتابع: استطاع صلاح عبد الصبور أن يخاطب الانسان في النطاق الحضارى، وأن يكتب قصيدة مثقفة تستشرف أفق المستقبل وتستقرئ الحاضر في آن، بالإضافة إلى ذلك كان لصلاح عبد الصبور جهد أصيل يضعه في قمة العطاء في مجال المسرح الشعرى، إذ يعد رائد المسرح الشعرى دون منازع، واستطاع أن يفتح مسرحه على التيارات العالمية سواء القديمة الممثلة المسرح اليوناني او التيارات الحديثة الممثل في مسرح إليوت أو مسرح العبث، فضلا عن جهد لافت لا يمكن أن نغض الطرف عنه، جهده في كتابة المقالة النقدية الرصينة ومتابعة الظواهر الإبداعية والأدبية والثقافية بدأب لا ينقطع وبعين يقظة وذهن متفتح، وحاسة نقدية متمرسة نتاج موهبته في الكتابة الشعرية والمسرحية وموهبته أيضا في التقاط الجديد فضلا ثقافته الموسوعية التي أهلته أن يكون حكمه صائبا وأن يمشى ورائه كثير من المبدعين، بالإضافة إلى جهده في مجال الترجمة، فنحن نعرف أن صلاح عبد الصبور، ترجم عدد كبير من المسرحيات وترجم قصائد كثيرة، لذلك فأن صلاح عبد الصبور سيظل ظاهرة ممتدة في حياتنا الأدبية، هو أشبه بمؤسسة أدبية متكاملة الأركان والطريف لا تكاد تحضر ندوة أدبية تتحدث عن الشعر إلا ونجد اسم صلاح عبد الصبور يتردد فيها بقوة.
وأكد الناقد أحمد حسن عوض: " صلاح عبد الصبور كان قادرا على مخاطبة المستقبل وكانت قصيدته اشبه بالرحم الولود التي تولدت منه قصائد الشعر الحديث خصوصا في المشهد المصرى، ومازال الشعراء يتأثرون حتى هذه اللحظة بكتابات صلاح عبد الصبور وينوعون على ألحانه الفريدة التي وضعه في مجال الشعر الحديث، وسيظل تأثيره ممتدا لأنه كان يخاطب الانسان الباقى لا المجتمع العابر.