تجرى وزارة السياحة والآثار مشروع ترميم وإعادة تأهيل قصر محمد على بشبرا الخيمة، بعد إعداد الدراسات اللازمة بواسطة مركز هندسة الآثار والبيئة جامعة القاهرة مع قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالوزارة، ولهذا نستعرض خلال السطور المقبلة نبذة عن تاريخ القصر.
افتتح قصر محمد على باشا بشبرا الخيمة فى 26ديسمبر 2005 الذى بنى قبل مائتى عام بعد انتهاء وزارة الثقافة من ترميمه وتطويره كمركز عالمى للاستضافة المؤتمرات وكبار الزوار وكمزار سياحى وذلك بتكلفة 50 مليون جنيه.
شهد قصر محمد على باشا أحداثا تاريخية مهمة فى تاريخ مصر الحديثة فهو فى حد ذاته تحفة معمارية نادرة على مستوى العالم خاصة أنه جمع فى عمارته وفنونه بين العالمين الغربى والإسلامى، و يبلغ عمره 200 عام.
بدأ محمد على فى بناء قصره فى شهر ذى الحجة سنة 1223هـ واشرف على الإنشاء مشيد عمائره ذو الفقار كتخدا.. وجاءت عمارة القصر على نمط جديد لم تعرفه مصر من قبل، وساعدت المساحة الشاسعة للموقع الجديد على اختيار طراز معمارى من تركيا، هو طراز قصور الحدائق والذى شاع فى تركيا على شواطئ البوسفور والدردنيل وبحر مرمرة.. ويعتمد هذا التصميم فى جوهره على الحديقة الشاسعة المحاطة بسور ضخم تتخلله أبواب قليلة العدد، وتتناثر فى هذه الحديقة عدة مبان، كل منها يحمل صفات معمارية خاصة.
كان أول منشآت هذا القصر حسب موقع الهيئة العامة للاستعلامات، هو سراى الإقامة وكان موضعها وسط طريق الكورنيش الحالى وكان ملحقا بها عدة مبان خشبية لموظفى دواوين القصر والحراسة، إضافة إلى مرسى للمراكب على النيل،.. وفى عام 1821 أضيفت إلى حديقة القصر 'سراى الفسقية' التى مازالت باقية حتى الآن، و تتكون سراى الفسقية من مبنى مستطيل "(76 مترا ونصف المتر في88 مترا ونصف المتر".
أما التصميم الداخلى للسراى ففريد من نوعه، حيث يعتمد على كتلة محورية عبارة عن حوض ماء كبير"(61 مترا في45 مترا ونصف المتر"، وبعمق2,5 متر، مبطن بالرخام المرمر الأبيض، ويتوسط الحوض نافورة كبيرة محمولة على تماثيل لتماسيح ضخمة ينبثق الماء من أفواهها، وفى أركان الحوض أربع نافورات ركنية، ويلتف حول حوض الفسقية رواق يطل على الحوض ببواكى من أعمدة رخامية يبلغ عددها مائة عمود، وبعد ذلك بعدة سنوات أضيفت إلى حديقة القصر "سراى الجبلاية" الباقية هى الأخرى حتى الآن.
ومن الأشياء الجميلة التى كان ينفرد بها قصر محمد على شبرا أنه شهد إدخال أول نظم الإضاءة الحديثة، فقد عرفت إنجلترا هذا النظام سنة 1820 على يد م. جالوى فأمر محمد على باستدعائه لعمل التجهيزات الخاصة بذلك فى قصره وكان ذلك يعد نقلة نوعية هائلة.
وقد تفرد القصر فى جمعه بين الأسلوب الأوروبى فى الزخارف وبين روح تخطيط العمارة الإسلامية.. فالقصر بنى بروح بناء المسجد.. فلدينا 4 ظلات تحيط بفسقية ضخمة وكأنها باحة مسجد.
أما رسوم وزخارف القصر فنفذت بأسلوب الرسوم الايطالية والفرنسية فى القرن التاسع عشر ، حيث استعان محمد على بفنانين من الفرنسيين والايطاليين واليونانيين والأرمن لزخرفة قصره، ومن الروائع التى يضمها القصر لوحات أثرية مرسومة تخص محمد على باشا وأفراد أسرته.
ومن الروائع التى تستحق الذكر برج الساقية الذى تتمثل معجزته وروعته فى ان المهندس الذى أنشأه كان يهدف إلى تحقيق عدة أشياء، فقد بناها على ارتفاع كبير ليحقق بفارق المنسوب قوة اندفاع للمياه بما يكفى لتشغيل نافورة الفسقية، أضف إلى ذلك أنه كان يتم سحب مياه النيل عبر نفق ليصب بعد مروره فى الساقية فى 4 أحواض يتم تنقية المياه خلالها قبل مرورها فى حوض الفسقية نقية لتخرج مرة أخرى عبر قنوات للرى.