نواصل معًا سلسلة "حياة المصريين" ونواصل إلقاء الضوء على موسوعة مصر القديمة لعالم المصريات الشهير سليم حسن، ونتوقف عن الجزء العاشر الذى يحمل عنوان "تاريخ السودان المقارن إلى أوائل عهد بيعنخي".
ويقول سليم حسن في تمهيد الجزء العاشر تحت عنوان "روابط الوحدة بين مصر والسودان منذ عصر ما قبل التاريخ":
إن الموقف المجيد الذى وقفته مصر أخيرًا بجانب بلاد السودان لتحريرها من نير الاستعمار الإنجليزى يعد أمرًا طبعيًّا إذا ما وقف المرء على ما كان ولا يزال بين القطرين من الروابط السلالية والثقافية والدينية والاجتماعية التى تضرب بأعراقها إلى عهود ما قبل التاريخ، أى منذ حوالى خمسة آلاف سنة أو يزيد.
والواقع أن البحوث العلمية والكشوف الأثرية الحديثة قد دلت دلالة واضحة لا لبس فيها ولا إبهام على أن بلاد النوبة حتى الشلال الرابع كانت منذ عصر ما قبل التاريخ أمة واحدة من حيث السلالة والحياة الاجتماعية والمعتقدات الدينية، فقد أثبتت بحوث علماء علم الإنسان الذين فحصوا عن الجماجم البشرية فى كلا القطرين أن كلًّا من المصرى والسودانى ينسب إلى سلالة واحدة هى السلالة الحامِيَّة.
وقد ظلت هذه السلالة نقية حتى عهد الأسرة الثامنة عشرة حوالى 1580ق.م. وذلك عندما أخذت السلالة الزنجية الجنوبية تختلط بالسلالة الحامِيَّة فى الشمال بعض الشيء. كما دلت أحدث الكشوف التى عملت عندما أقيم الخزان عام1902 وعندما بدأت التعلية الأولى حوالى عام 1907على أن الحياة فى كل من بلاد النوبة ومصر كانت موحدة فى عصور ما قبل التاريخ، فقد وجد أن محتويات القبور وأشكالها فى كلا البلدين من حيث الأوانى المنزلية والمأكل والملبس وعادات الدفن واحدة وليس هناك أية فروق قط.