لا يبدو المجتمع الأفغاني مختلفا كثيرا عن المجتمعات الأخرى حين تصوره الرواية فيما عدا تأثيرات الحرب الأهلية الأفغانية التي تظهر بجلاء فى الروايات الأفغانية الحديثة فضلا على تأثيرات الهوية العرقية فى مجتمع يضم بين صفوفه عرقا سائدا وهو العرق البشتوني وأعراق أخرى يمكن اعتبارها من الأقليات مثل الهزارة ويتجلى ذلك فى روايات عتيق رحيمى وروايات خالد حسينى باعتبارهما الروائيين الأشهر.
ولنبدأ من رواية عداء الطائرة الورقية لخالد حسينى فالصداقة التي تربط بين طفلين لا تقف عند الهوية فهما طفلين بريئين لا يعرفان جيدا ما الذى تعنيه الهوية من الأساس، فالطفل البشتوني أمير يصادق الطفل الهزارى حسن، لكن الهوية العرقية تحدد الفوارق كلما كبر الطفلان حتى ينتهى الأمر إلى اختلاف المصائر فالطفل البشتوني صاحب الوضع المادى الأكثر استقرارا يهاجر إلى خارج البلاد وتحديدا إلى الولايات المتحدة بما يعني النجاة بنفسه وحياته أما الطفل الآخر حسن، والذى ينتمى إلى الهزارة، فيعيش واقعه فى أفغانستان.
الرواية تكشف أيضا عن جمال الطبيعة الأفغانية وكيف يعيش البشر هذا الواقع المبنى على الفوارق التي تحددها الهويات فتأخذ هذا بعيدا وتفرق شمل من نشأوا سويا في المدراس وملاعب الصبا كما تكشف عن مدى الخراب الذى حل ببلد كان جميلا بعد حرب أهلية مرعبة.
وننتقل إلى رواية أخرى وهي رواية ملعون ديستوفسكى لعتيق رحيمى التي تصور أيضا المجتمع الأفغاني بشكل واضح جدا، فنجد مصابى الحروب الأهلية يجتمعون فى الساقيخانة مساء لتعاطي الحشيش، ويظهر الكاتب بشكل جلى المرارة التي يعيشها هؤلاء فى الوقت الذى كانوا يتطلعون فيه لحياة أفضل بلا سيقان مبتورة ولا عكاكيز ولا عجائز لا يستطيعون العيش جراء حروب الأشقاء التى مزقت أفغانستان كل ممزق.
الروايتان نموذجان وكلاهما تنقل تحول أفغانستان عبر سنوات الحرب التي تلت الغزو السوفيتى من بلد يحمل على أرضه جمال الطبيعة إلى بلد يكافح أبناؤه للعيش وسط مفردات الصراع على وقع طبول الحروب التي لا تنتهى ومفردات الخراب.