نلقى الضوء على كتاب "فن العيش الحكيم" تأليف أرثر شوبنهاور، ويدرس الكتاب الطرق التي يمكن من خلالها ترتيب الحياة للحصول على أعلى درجة من المتعة والنجاح، ويقدم إرشادات لتحقيق هذه الطريقة الكاملة والغنية من المعيشة، وينصح بأنه حتى الحياة المعيشية يجب أن تطمح دائمًا إلى مستويات أعلى.
يسعى كتاب "فن العيش الحكيم" للفيلسوف الألمانى أرثر شوبنهاور (1788- 1861) جاهدا للإجابة عن السؤال الأخلاقى العابر للأزمنة والأمكنة:
هل بمقدور الفلسفة تقديم إجابات مرضية عن فن عيش حكيم ممكن؟
وشوبنهاور فى مسعاه هذا لم يقطع الصلة مع الموروث الفلسفى الثرى فى هذا الباب، بل آثر أن يكون امتدادا له، وهو ما برهن عليه من خلال إعادة طرحه وصوغه لأسئلته المركزية وارتكازه على أجوبته الكبرى، والتى لا يتردد فى تطعيمها بإخالات على الشعر والرواية والحكم المأثورة هنا وهناك، فضلا عن معطيات منتقاة بعناية من السجل العلمى بمختلف انشغالاته.
لذلك تجده يفتتح الكتاب الذي بين يديك بتقسيم كلاسيكى أبيقورى للحاجيات يميز بين أنواع ثلاثة منها: حاجيات طبيعة وضرورية (الأكل والشرب) وحاجيات طبيعية غير ضرورية (الجنس) وحاجيات غير طبيعية وغير ضرورية (الكماليات، بما فيها الكماليات المعنوية، كالمجد والشهرة والجاه والنسب والحسب). ويمكن اعتبار التقسيم إياه بمثابة حجر الزاوية لمجمل رؤاه الفلسفية فى الكتاب بين يديك.
وقد انحاز شابنهاور إلى النوع الأول فقط من الحاجيات، ودعا إلى الزهد فى باقي الحاجيات.