رحل نجيب محفوظ منذ خمسة عشر عامًا، لكنه عاش فى الحقيقة بالذاكرة الأدبية، الرجل الذى طال عمره إلى نحو 94 عاما، كتب فيها عن كل شىء، وجسد الحارة المصرية بكلماته، ورسم أحلام وهموم المصريين فى رواياته، صارع الموت حتى فى الرحيل، لما لا وقد صدرت له مجموعتان قصصيتان كاملتان بعد وفاته، الأولى بعد وفاته بنحو 9 سنوات كاملة.
فى مثل هذا اليوم، 30 أغسطس عام 2006، غاب عن المشهد الأدبى والفنى، الأديب العربى الوحيد الحاصل على نوبل فى الآداب عام 1988م، عميد الرواية العربية، وفيلسوف السرد، الذى ملأ الدنيا بروائعه الخالدة، ووضع الرواية العربية فى مصاف الروايات العالمية، وترك خلفا إرثا ثقافيا وأدبيا، من أروع ما تحتفظ به المكتبة العربية، والأدب العالمى.
بعد رحيل صاحب الثلاثية، ورغم تركه عشرات الروايات والمجموعات القصصية، فضلا عن بعض المسرحيات والعديد من المقالات النقدية والأدبية، صدر بعد وفاته بنحو 9 سنوات، الجزء الثانى من "أحلام فترة النقاهة" التى صدرت عام 2004، وحمل هذا الجزء عنوان "الأحلام الأخيرة"، يضم 250 حلمًا جديدا، مكتوبة قبل 10 سنوات أو أكثر، كما أكدت الدار المسئولة عن طبع أعماله.
ورغم تشكيك البعض فى نسب تلك الأقصوصات الأدبية إلى صاحب "الحرافيش" إلا أن العديد من النقاد رأوا أنه مجرد سوء نية، ووصفوا الأحلام الجديدة بأنها "جميلة، ومتزنة، وفلسفية، وإنسانية عظيمة".
بعد 12 عاما كاملة من رحيل أديب نوبل، فؤجى قراء ومحبى الأديب العالمى، بصدور مجموعة أخرى، تضم 18 قصة لنجيب محفوظ تنشر للمرة الأولى في كتاب، قال الكاتب الصحفى والناقد محمد شعير فى مقدمته: "عندما منحتني ابنته أم كلثوم صندوقاً صغيراً يتضمن أوراقاً عدة تخص محفوظ، شعرت بلذة كأنني على وشك اكتشاف مقبرة فرعونية، من ضمن الأوراق ملف كامل يضم نحو 40 قصة قصيرة، لكن لم تُنشر القصص وقت كتابتها.