تعتبر رواية الكاتب العراقى الكبير محسن الرملي "بنت دجلة” الجزء الثاني لرواية (حدائق الرئيس) ولكن يمكن قراءتها أيضا كرواية مستقلة، لكن من قرأوا حدائق الرئيس سيكونون على فهم أكثر ودراية بشخصيات مثل قسمة وعبدالله كافكا، وطارق وغيرها من الشخصيات التي تمثل نماذج حية في العراق من وجهة نظر الكاتب.
ويستكمل محسن الرملي حكايات أبناء شق الأرض "ابراهيم قسمة وطارق المندهش وعبدالله كافكا" أبطال "حدائق الرئيس" في جزء ثان لا يقل جودة عن الجزء الأول حيث يصل ما انقطع من حكايات ما بعد الغزو الأمريكي للعراق وتأثيراته علي المجتمع العراقي وتقسيمه وتفتيته ماديا ومعنويا وانعكاس ذلك علي أبناء العراق وأفكارهم وتوجهاتهم.
وقد استطاع الرملى في الجزئين أن يرسم صورة واضحة ومعبرة لما يعاني منه الشعب العراقي حتى أن الإهداء في هذه الرواية كان إلي كل مجروح في جسده أو روحه أو ذاكرته أو وطنه.
الرواية ترصد أيضا التحولات الاجتماعية في العراق، وما تفعله مخلّفات الديكتاتورية بالمجتمعات وما تقود إليه غزوات المحتل الأجنبى.
وتنتهى "بنت دجلة" بنفس بداية "حدائق الرئيس" أي بوجود رأس مقطوع في صندوق موز و يكتشفها الراعي في الصباح و كأن الكاتب يرسل رسالة للقارىء بأن الزمن يعيد نفسه في العراق.
ومن مقاطع الرواية: "في العراق، قد يتغير كل شيء في يوم واحد. قرية صَحَت ضاحكة، وأخرى باكية، وكلاهما على ضفة نهر دجلة. لاتَعرف القرى هناك، ماذا سيكون غدها، ضحكًا أم بُكاءً، لكنها ستواصل عَيشها ضحكًا وبكاءً".
ويقول الكاتب في مقطع آخر: " سَره اهتمامها، وفكر في أنها لا تختلف كثيرًا عن عموم النساء والأطفال.. كما كان يتوجس ، فهي تعجبها الحكايات أيضًا ، وهذا أمر لصالحه، وهو الممتلئ بالحكايات التي عاشها بنفسه، أو سمعها من غيره، أو قرأها في الكتب.. بل لديه استعداد لاختراعها، إذا تطلب الأمر حسب الموقف. "
ويقول كذلك: "الجسد ليس الذات، بقدر ما هو ثوب مستعار وعبء ثقيل، نضطر لحمله طوال حياتنا "