تمر اليوم الذكرى الـ101 على تأسيس الدولة اللبنانية، وظهور لبنان للوجود للمرة الأولى فى التاريخ، والذى ضم مناطق عدة خاضعة للانتداب الفرنسي، وجاء ظهوره فى إطار تصفية تركة الدولة العثمانية، وكانت هذه الدولة تضم جبل لبنان وألحقت به كل من بيروت وطرابلس وبعلبك والهرمل والجنوب وسميت جميعها دولة لبنان الكبير.
لا يزال لبنان الجميل يعانى، حروب وتدخلات خارجية، وأزمات سياسية واقتصادية متلاحقة، جعل الوضع هناك أكثر مأسوية وكارثية عما تشهده الكثير من بلدان المنطقة التى تعانى من حروب أهلية وطائفية كبيرة، أثقلت كاهل شعبه، وأحدثت أزمة اقتصادية دفعت بالمواطنين إلى البحث عن الطعام فى مكبات القمامة.
ولا يزال العالم يعيش فى صدمة كبيرة، بعد الانفجار المروع الذى هز العاصمة اللبنانية بيروت، العام الماضى، وتسبب فى مقتل العشرات وجرح الآلاف من اللبنانين، حيث أعلن رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب أن نحو 2750 طناً من نترات الأمونيوم، كانت مخزنة فى مستودع بمرفأ بيروت لمدة ست سنوات، هى المسؤولة عن الانفجار.
ووصف عدد من المتابعين للشأن اللبنانى، أن ما تعانيه الجمهورية اللبنانية، حالة من الانهيار الحضارى، نتيجة تردى كبير فى كافة المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتبدو الأحداث المتلاحقة التى تشهدها الجمهورية اللبنانية الآن.
ورغم أن التاريخ اللبنانى قديم ويمتد إلى زمن الحضارة الفينيقية القديمة، كما مرّت على لبنان عدّة حضارات وشعوب استقرت فيه منذ عهد الفينيقين، مثل المصريين القدماء، الآشوريين، الفرس، الإغريق، الرومان، الروم البيزنطيين، العرب، إلا أن لبنان المستقل لم تظهر إلا فى العصور الحديثة وقبل نحو 80 عاما، حيث ظل طوال الوقت جزءا من الأراضى السورية.
وبالعودة إلى مطلع القرن العشرين تبدو مظاهر استقلال لبنان عن سوريا، لها خلفيات كثيرة، فبحسب كتاب "دور الإدارة الأمريكية والقوى الغربية فى لبنان 1943-1961" تأليف ياسر طالب الخزاعلة، فإنه بعد هزيمة الدولة العثمانية فى الحرب العالمية الأولى عام 1918، سارع الأمير فيصل بن الحسيم إلى إعلان الحكومة العربية فى دمشق ومن ثم فى بيروت.
بحسب كتاب "دور الإدارة الأمريكية والقوى الغربية فى لبنان 1943-1961" تأليف ياسر طالب الخزاعلة، فإن فكرة تأسيس دولة لبنان، ظهرت ذات طابع مسيحى برعاية فرنسية، وأخذت تتبلور نتيجة العلاقة الوثيقة بين زعماء الكنيسة المارونية وفرنسا، فيما رفض المسلمون هناك هذه التوجه، وعملوا على تأييد حكومة الفيصل العربية، إلى أن جاء قرار الجنرال جورو بفصل لبنان عن سوريا، وإعلان دولة لبنان الكبير فى 31 أغسطس فى عام 1920، وجاء القرار ليؤكد رغبة فرنسا فى إعطاء لبنان طابعا مميزا عن محيطه العربى.
وفيما يخص النظام التمثيلى قرار المندوب السياحى الفرنسى فى 18 مارس عام 1922 إجراء انتخابات للمجلس التمثيلى، وأجريت الانتخابات فعلا فى أبريل 1922، وقد جرى قبل انتخابات عملية إحصاء للسكان اعتبرت السلطات فيها أن المسيحيين يمثلون غالبية الشعب اللبنانى، وبناء على الإحصاء تم توزيع المقاعد النيابية بين الطوائف، حيث نالت الطوائف المسيحية 16 مقعدا، مقابل 13 فقط للطوائف الإسلامية.
وعمل الفرنسيون منذ ذلك الوقت على تغذية العنصرية والانفصالية فى لبنان وسوريا، وذلك لوجود أقليات قومية ودينية ومذهبية، حتى قاموا بتحشيد أبناء هذه الأقليات من أجل قمع الثورات السورية التى انطلقت عام 1925 واستمرت حتى عام 1928، وفى 23 مايو 1926 أقر مجلس الممثلين الدستور وأعلن قيام الجمهورية اللبنانية، فكانت بذلك أول جمهورية فى الوطن العربى، حيث كانت أغلبيت الدول القائمة حينها تحت النظام الملكى ومن بينها المملكة المصرية.