صدر ديوان الملاح التائه لعلى محمود طه في عام 1934، وكان فى الثالثة والثلاثين من عمره إذ ولد عام 1901 فى المنصورة، وتوفي عام 1949 وهو بعد فى الثامنة والأربعين غير أنه ترك إرثا محوريا في الشعر يقوم على أساسين الأول أنه رائد من رواد الشعر الرومانسى الذى يعتمد على العاطفة والصورة البسيطة واللقطة والإنسانية، والثاني أنه كان واحدا من المجددين الداعين إلى عدم الالتزام بالعروض، وضرورة تحرير الشعر من القافية.
ويبدأ على محمود طه كتابه الأول بإهداء رومانسى يقول فيه:"إلى أولئك الذين يستهويهم الحنين إلى المجهول.. إلى التائهين فى بحر الحياة.. إلى رواد الشاطئ المجهول.. أهدى هذا الديوان"
ويعتبر على محمود طه من أعلام مدرسة أبولو التي أرست أسس الرومانسية في الشعر العربي ويقول عنه أحمد حسن الزيات: "كان شابًّا منضور الطلعة، مسجور العاطفة، مسحور المخيلة، لا يبصر غير الجمال، ولا ينشد غير الحب، ولا يحسب الوجود إلا قصيدة من الغزل السماوي ينشدها الدهر ويرقص عليها الفلك ".
ويقول عنه صلاح عبدالصبور في كتابه "على مشارف الخمسين": قلت لأنور المعداوي: أريد أن أجلس إلى علي محمود طه. فقال لي أنور: إنه لا يأتي إلى هذا المقهى ولكنه يجلس في محل "جروبي" بميدان سليمان باشا. وذهبت إلى جروبي عدة مرات، واختلست النظر حتى رأيته.. هيئته ليست هيئة شاعر ولكنها هيئة عين من الأعيان. وخفت رهبة المكان فخرجت دون أن ألقاه، ولم يسعف الزمان.
ويرى سمير سرحان ومحمد عناني أن "المفتاح لشعر هذا الشاعر هو فكرة الفردية الرومانسية والحرية التي لا تتأتى بطبيعة الحال إلا بتوافر الموارد المادية التي تحرر الفرد من الحاجة ولا تشعره بضغوطها.. بحيث لم يستطع أن يرى سوى الجمال وأن يخصص قراءاته في الآداب الأوروبية للمشكلات الشعرية التي شغلت الرومانسية عن الإنسان والوجود والفن، وما يرتبط بذلك كله من إعمال للخيال الذي هو سلاح الرومانسية الماضي".
لحن وغنى له الموسيقار محمد عبد الوهاب عددا من قصائده مثل الجندول، وكليوباترا، فلسطين، وقد تأثر طه بشعراء الرمزية أمثال بودلير، ألفريد دي فيني، شيللي، وجون مانسفيلد.
وقد ترك أثرا كبيرا على الشعراء الذين جاءوا بعده فقد كتب في جميع الأغراض التي شكلت ميداناً لغيره من الشعراء، كالغزل والرثاء والمدح والفلسفة والحكمة والتأمل.