تمر اليوم الذكرى الـ1048 على ميلاد العالم المسلم أبو الريحان البيرونى، إذ ولد فى 5 سبتمبر عام 973م، وهو هو باحث مسلم كان رحالة وفيلسوفًا وفلكيًا وجغرافيًا، وصف بأنه من بين أعظم العقول التى عرفتها الثقافة الإسلامية، وقد قال بدوران الأرض حول محورها فى كتابه: مفتاح علم الفلك، كما صنف كتبًا تربو عن المائة والعشرين.
الأرض كروية وتدور، حقيقة علمية لا يجهلها أحد، لكن كثيرين لا يعلمون ما وراء هذه الحقيقة من تاريخ حافل بالحوادث المثيرة للدهشة أحياناً وللشفقة أحياناً أخرى، وربما تغيب عنا النهايات التى صار إليها العلماء الأوروبيون ممن جهروا بهذه الكلمة، لكن العلماء المسلمون أيضا سبقوا علماء أوروبا فى الوصول إلى تلك الحقائق العلمية.
وكان الدكتور يوسف زيدان، صرح من قبل أن البيرونى جاء بـ "الأَسْطُرلاب"، وهو آلة فلكية قديمة" ووضعها على قمة جبل بزاوية قائمة ومن ثم لاحظ انكسار ظل الشمس، ثم عمل على قياس المسافة من قمة الجبل الى الاسطرلاب مع المدة الزمنية التى تقطعها الشمس من حركة بين هذه المسافة ثم قام بعمل متوالية هندسية فكانت النتيجة ان طول قطر الكرة الأرضية 6338.8 كم.
ويذكر المؤرخون أنه من خلال هذا الأساس المنهجى السليم، استطاع "البيرونى" أن يقدم أبحاثاً ودراسات مؤثرة بنتائجها العلمية فى مجالات شتى، فتطرَّق إلى تكوين الأرض وتركيب سطحها وما يعتريها من الزلازل والبراكين والفيضانات، متناولاً ظاهرتى المد والجزر وبعض الظواهر الفلكية والجغرافية والجيولوجية، وتمكَّن من تحديد خطوط الطول ودوائر العرض، إضافة إلى العديد من الاكتشافات الأخرى المهمة.
ووضع جهازًا يقيس حركات الشمس والقمر، وابتكر الإسطرلاب الأسطوانى المستخدم فى رصد الكواكب والنجوم وتحديد أبعاد الأجسام البعيدة وارتفاعاتها عن سطح الأرض، واستنتج نظرية لحساب محيط الأرض.. واهتم بالخواص الفيزيائية لكثير من المواد.. وتوصل إلى تحديد الثقل النوعى لـ 18 عنصراً مركباً، مستخدماً الجهاز المخروطي، وفسَّر بعض الظواهر المتعلقة بسريان الموائع، وظاهرة المد والجزر وسريان الضوء، ولاحظ أن المعادن تتمدد بالحرارة وتنكمش بالبرودة.
وهكذا نجح أبو الريحان البيرونى بعطائه الواسع فى أن يكون قمة شاهقة فى تاريخ العلم يشهد لها القاصى والداني، فأطلقت وكالة ناسا الفضائية اسمه على إحدى فوهات القمر عام 1951م، وقال عنه المستشرق الألمانى إدورد سخاو: "إنه أعظم عقلية عرفها التاريخ".