صدر حديثًا عن دار الآن ناشرون وموزعون ديوان بعنوان "تفاحة الضوء"، للشاعر العراقى على جعفر العلاق، والذى يضم مجموعة مختارة من القصائد والمقطوعات التى تمثل مجمل مسيرته الإبداعية فى عالم الشعر، تلك المسيرة التى بدأت منذ ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، وضمنها إصداره الأول "لا شىء يحدث.. لا أحد يجىء"، الصادر عام 1973، وصولا إلى قصائد ديوانه "فراشات لتبديد الوحشة" الصادر عام 2021.
ويرى الناقد العراقى فاروق يوسف فى كلمة له وُضعت على غلاف المختارات أن غنائية العلاق كانت إحدى العلامات الفارقة التى ميزت تجربته، وبين أنها : "كانت من صُنْع اللغة، وجاءت مستلهَمةً من عجينتها كما لو أنها مرآتها، أو أنها قُدَّت منها".
ويضيف مبينا ملامح هذه الغنائية: "حرصَ العلّاق على رعاية النغم الداخليّ الذي يحدث عند لقاء المفردات أو تصادُمِها بعضها ببعضها الآخر، كما لو أنّ تلك المفردات لم تلتقِ من قبل، حتى ليشعر القارئ أنّ الشاعر قد حذف الكثير من الكلمات التي وقعت خطأً في المسافة التي تفصلُ بين مفردتين كانتا تتجاذبان عن بعد، من أجل أن يَصْدُر نغمٌ بعينِه هو في حدّ ذاته هدفُ القصيدة، كانت موسيقى ذلك الشعر نوعاً من الهِبَة التي تطلع من مكان لم تنتبه التقنية إلى وجوده".
وجاء فى "القصيدة المائية" من مجموعة "وطن لطيور الماء" الصادرة عام 1975:
ذاكَ وجهُكِ، من أيّما أُفُقٍ تنظُرينَ؟
أرى غابةً مَلأتْها العصافيرُ:
تهرُبُ من مطَرِ الصيفِ، والوردُ فاجأَني ليّنًا..
وثيابُكِ، تلك السماءُ الخفيفةُ،
تأخذُني لمواسِمها
إنّ موسمَكِ الرخوَ
دشداشةٌ تخلِطُ الصيفَ بالماءِ،
والماءَ بالصَيْفِ.
جدير بالذكر أن علي جعفر العلاق شاعر وناقد وأستاذ جامعي عراقي، حاصل على جائزة العويس للشعر ، للعام2019 . ولد في محافظة واسط عام 1945، وهو حاصل على الدكتوراه من جامعة إكستر في بريطانيا عام 1984م، غادر العراق عام 1991، وعمل أستاذا للأدب والنقد الحديث في جامعة صنعاء، ثم في جامعة الإمارات، وله إضافة إلى إصداراته في مجال الشعر مجموعة كبيرة من الإصدارات النقدية، بدأها بـ"مملكة الغجر" (1981)، ودماء القصيدة الحديثة (1988)، وصولا إلى "في مديح النصوص" (2019)، و"المعنى المراوغ" (2020).