كتب الشاعر الكبير الراحل نجيب سرور قصائد ديوانه الأول التراجيديا الإنسانية بين عامي 1952 و1959 أى أنه بدأ كتابته منذ كان طالبا في العشرين من عمره يحلم الحلم الرومانسى ويتطلع للحياة أما ما كان غريبا فهو أن يحمل الديوان اسم التراجيديا الإنسانية، لكن التراجيديا الإنسانية في العموم كانت محور حياة نجيب سرور!
وقد نشر الديوان عام 1967 أى بعد إتمامه بثماني سنوات عن المؤسسة المصرية للتأليف والنشر التابعة لوزارة الثقافة.
غير أن ما يحمل على التأمل أن القصائد الأولى حملت الطابع المسيطر على طريقة سرور في التعبير والتي ظلت ملازمة له في أغلب ما كتب من شعر على مدى حياته، وهي الطريقة التي تمزج بين متناقضين، وتعتمد على الكوميديا السوداء، والتراجيديا التي تتصاعد من قلب الموقف وإن كان الموقف رومانسيا.
يقول نجيب سرور في إحدى قصائد الديوان:
أفاتنتى.. فى احمرار الورود على وجنتيك
رأيت الدماء
دماء المساكين فى قريتى
و يأتى المساء ..
فتأوى الى حجرها جائعة
و فى كفها حسرة ضارعه
و تطوى على جوعها يأسها
كما تنطوى فى الثرى قوقعه
و يسدل ستر الظلام الكثيف
على مشهد من صراع الحياه
ليبدأ فى الصبح فصل جديد
فتمضى الجموع بمصباحها
لتبحث عن لقمة ضائعة
ففى القصيدة رأى الشاعر الراحل الكبير في وجه حبيبته المحلى بالورود دم المساكين في قريته، ما يجعل الديوان بأكمله جديرا باسمه فنجيب سرور كان يرى التراجيديا الإنسانية في كل شيء.
وقد ولد نجيب سرور عام 1932 بقرية أخطاب بالدقهلية ولقب بشاعر العقل، كتب المسرحية، بل كان واحد من رواد المسرح كتابة وإخراجا خلال الستينات من القرن الماضى ، ومن أعماله الشهيرة يس وبهية وقد كتبها في بودابست قبل عودته من منفاه إلى وطنه، آه يا ليل يا قمر وقد أخرجها جلال الشرقاوى، قولوا لعين الشمس ، ومنين أجيب ناس، آلو يا مصر وقد حققها ونشرها د.عصام الدين أبو العلا بعد وفاة المؤلف، وميرامار التي اقتبسها من رواية نجيب محفوظ وأخرجها بنفسه لفرقة المسرح الحر عام 1968 على مسرح الزمالك.
كما أن له في الشعر إضافة إلى التراجيديا الإنسانية ديواني لزوم ما يلزم وبروتوكولات حكماء ريش.