تمر اليوم الذكرى تولى الخليفة العباسى هارون الرشيد، سابع خلفاء بنى العباس، بدلا من أخيه الأكبر الهادى بعد مقتله، وكان ذلك فى مثل هذا اليوم 14 سبتمبر من عام 786، فماذا كانت حياة هارون الرشيد وهل طلب من شقيقه قبل رحيله بالتنازل عن الخلافة لأبنه؟.
يقول كتاب "هارون الرشيد.. أمير الخلفاء وأجل ملوك الدنيا" لدكتور شوقى أبو خليل، الرشيد بم محمد المهدى بن عبدالله المنصور بن محمد بن على بن عبدالله بن العباس بن عبد المطلب، أبو جعفر، استخلف بعد وفاة أخيه موسى الهادى سنة سبعين ومئة، أمة الخيزران الجرشية، ولد بالرى لثلاث بقين من ذى الحجة سنة خمسين ومئة.
أما عن وصف هارون الرشيد، فيوضح الكتاب سابق الذكر: كان الرشيد أبيض طويلاً، مسمنا، جميلا، مليحا، فصيحا، له نظر في العلم والأدب "يحب العلم وأهله، ويعظم حرمات الإسلام، ويبغض المراء فى الدين، والكلام في معارضة النص، كان يبكى إلى نفسه، ولا سيما إذا وعظ"، وكان يحج عامًا ويغزو عامًا.
وكان يصلى فى كل يوم مئة ركعة إلى أن فارق الحياة، إلا أن يعرض له علة، وإذا حج اجح معه مئة من الفقهاء وأبنائهم، وإذا لم يحج ـ بسبب جهاد أو غزوة ـ أحج فى كل سنة ثلاث مئة رجل بالنفقة السابغة، والكسوة الظاهرة.
حاول أخوة الهادى أن يرغم الرشيد على خلع نفسه من الخلافة بعده، وأن يكتب بولاية العهد لأبنه جعفر، ولكن الرشيد ـ وهو ولى عهد ـ من الجرأة ومتانة الخلاق والصراحة، ما هو حقيق بالإعجاب.
بويع له يوم الجمعة فى بغداد ـ مدينة السلام ـ لأربع عشرة ليلة بقين من شهر ربيع الأول سنة 170 هـ، وهو ابن تسع عشرة سنة وشهرين، وثلاث عشرة ليلة. وولد له المأمون فى تلك الليلة، فكان يقال: ولد في هذه الليلة خليفة، وولى خليفة، ومات خليفة.
كان الرشيد يقتفى اخلاق المنصور، ويعمل بها إلا فى العطايا والجوائز، فإنه كان اسنى الناس عطية ابتداء وسؤلا، وكان لا يؤخر عطاء اليوم إلى عطاء غد، وكان حبه للفقه والفقهاء عظيم، وتقديره أو ميله للعلم والعلماء كبير، يحب الشعر ويحفظه، ويستقبل الشعراء ويسمع منهم، ويعظم في صدره الأدب والأدباء، وكرهه للمراء فى الدين والجدال، كان يقول :"غنه لخليق ان لا ينتج خيرًا"، وكان يصغى إلى المديح ويحبه، ويجزل عليه العطاء، ولا سيما إذا كان من شاعر فصيح مجيد.