تمر اليوم ذكرى واحد من الرموز الوطنية فى مصر عبد الخالق ثروت باشا، رئيس وزراء مصر الأسبق فى عهد الملك فؤاد الأول، تولى رئاسة الوزراء لفترتين، وهو أول رئيس للجمعية العمومية لنادى القرن الأفريقى النادى الأهلى، إذ رحل فى 22 سبتمبر عام 1928.
ويعد عبد الخالق ثروت باشا صاحب أشهر الشوارع فى منطقة وسط البلد، وهو اسم لأحد الساسة الكبار، الذى ينتمى إلى أسرة فيها العديد ممن تقلدوا المناصب القيادية والمهمة، وقيل إنه من سلالة محمد على باشا، ولم يكن أحد يتوقع أن يكون للشارع الذى ارتبط اسمه باسم عبدالخالق ثروت مقرا لأهم النقابات الفكرية فى مصر وهى نقابة الصحفيين، حيث كانت له تجربته فى تأسيس أول مجلة مصرية للقانون.
عاصر عبد الخالق ثروت باشا عصر النهضة الذى شهد ميلاد العديد من الأدباء العظماء، من بينهم الروائى والكاتب الكبير محمد حسين هيكل، الذى يعده النقاد صاحب أول رواية مصرية "زينب".
وتحدث الكاتب محمد حسين هيكل فى كتابه "تراجم مصرية وغربية" عن وفاة عبد الخالق ثروت باشا، التى وصفها فى بالفاجعة، قائلا: "ما أحسب فجيعة من الفجائع التى منيت بها الأمم كانت أشد وقعًا على النفوس من فجيعة مصر فى المغفور له عبد الخالق ثروت باشا، وما أحسب رجلًا وجل خصومه كما وجل أصدقاؤه لفقده، كما اشترك أصدقاء هذا الفقيد العظيم وخصومه فى وجلهم لرحلته رحلة الأبد، ثم ما أحسب العقل والعاطفة والحواس جميعًا اهتزت بالحسرة وبالأسى اهتزازها لهذا الحادث الذى رجَّ نفوس الناس رجا بل دكها دكا، ولن أنسى ما حييت تلك اللحظة الأسيفة التى عرفت فيها الخبر إثر الوفاة بسويعات حين دخلت إلى صالون السيدة المحترمة هدى هانم شعراوى بباريس، فألفيتها وألفيت الأستاذ الكبير هلباوى بك وألفيت زائريهما وكلهم باكو العين والفؤاد، وكلهم فى شبه ذهول لما أصاب مصر فى مصرع هذا الرجل الذى كانت تعتبره مصر كلها ملاذها إذا حزب الخطب وضلت بساسة مصر وساسة إنجلترا السبل، ثم لن أنسى ما حييت إسراع المصريين وأصدقاء مصر الأجانب إلى سكنه فى باريس بشارع أناتل دلافرج وليس منهم من يقف فزعه لوفاة رجل كان له بعد فى الحياة سعة، بل كلهم أشد فزعًا لمصر وما أصابها بفقد هذا الربان الذى اختاره القدر ليسير بدفة سفينتها حين الزعازع الهوجاء فينقذها من أدق المواقف، لن أنسى هذا، ولن أنسى صاحب الدولة عدلى باشا يكن فى منزل الفقيد وفى مشهد جنازته بباريس وهو يتساءل عن الوفاة وكيف كانت فى جزع دونه جزع الأخ لفقد أعز أخ له عليه، وهو يحاول حبس عبرته فتخونه كما تخون جميع الذين شهدوا صندوق جثمان الفقيد ينقل من عربة الجنازة إلى عربة السكة الحديدية، وكيف ينسى إنسان هذا وما أحاط بالفاجعة ولكل إنسان من هذه الفاجعة الأليمة نصيب لأنها فاجعة مصر وفاجعة السلام؟!".