صدر حديثا عن دار الآن ناشرون وموزعون، كتاب بعنوان "الراوى مفكرًا"، للكاتب والناقد الأردنى غسان إسماعيل عبد الخالق، وهو عبارة عن دراسات تطبيقية فى السرد العربى المثقف، يضم مجموعة من الدراسات التي تتناول ثلة من التجارب السردية، القديمة والحديثة والمعاصرة، انطلاقا من قناعته بأن الرواية كانت وما زالت وستبقى واقعية، حتى لو تدثرت بمسميات أخرى مثل التجريبية.
وفي الدراسة الأولى التى ضمّتها أطروحته الجديدة، عاين عبدالخالق حكاية الجارية "تودّ" في ألف ليلة وليلة من منظور النقد الثقافي. وبعد أن فكك الحكاية وأعاد بناء شخصياتها التاريخية الواقعية مثل هارون الرشيد وإبراهيم النظّام، سلّط الضوء على الحمولة التاريخية والفكرية والواقعية الثاوية في الأنساق المضمرة لهذه الحكاية، التي تُمثّل إزاحة لافتة في سردية كبرى، طغت عليها الرؤية السحرية وعجّت بالمردة والعفاريت.
وأما الدراسة الثانية، فقد عقدها لمقاربة العلاقة الوثيقة بين السرد والفكر النفسى والنقدى كما تظاهرت فى رواية "ليلة النهر" لعلي أحمد باكثير، فبدت مختبرًا تطبيقيًّا لمقولات فرويد وكوليرج وغيرهما، بينما مثّلت الدراسة الثالثة قراءة في تجربة إلياس فركوح؛ فعمد المؤلف لتفكيك رواياته الأربع، خالصا إلى إبراز الحضور السياسي والآيديولوجي والواقعي في هذه التجربة التي طالما عدّها النقّاد -شكلا ومضمونا وأسلوبا- رواية ما بعد حداثية.
وختم الناقد القسم الأول من الكتاب بقراءة في تجربة محمود شقير الروائية، مبرزا المحرّك الخلدوني لهذه التجربة التي جاءت في ثلاث روايات وثقت لحظتي الصعود والأفول في السيرة البدوية التي استلهمت تغريبة بني هلال.
وأما القسم الثاني من الكتاب فقد خصصه الناقد لتسليط الضوء على الأدب الروائي النسوي بوجه عام وعلى الأدب الروائي النسوي العربي في المنفى بوجه خاص، خالصا إلى إبراز العديد من المياسم الفكرية والأسلوبية التي وسمت هذا القطاع الحيوي من السرد العربي المعاصر.
جدير بالذكر أن عبد الخالق الذي يعمل أستاذًا للأدب والنقد في جامعة فيلادلفيا الأردنية، قد صدر له حتى الآن نحو عشرين كتابا في النقد والفكر، علاوة على روايتين ومجموعتين قصصيتين وسيرة ذاتية في جزأين.