البشر منذ فجر التاريخ صنعوا الأساطير والحكايات وطوروها فأصبحت ملاحم شعرية عظيمة ترددها الأجيال جيل بعد جيل، وأصبحت جزءا من الوجدان الإنسانى والحس الأدبى الذى يتذوقه البشر منذ قرون طويلة، وتعرف دائما على أنها حكاية بطولية تخبر عن حركة جماعات أو حركة الشعوب وحركة القبائل وهى نموذج إنسانى يحتذى به.
وهناك العديد من الملاحم الفرعونية التى حققت شهرة، وخلدت فى التاريخ الإنسانى، وأصبحت جزءا من الوجدان الشعبى فى العديد من البلدان والمناطق التاريخية، ومنها:
سنوحى
تعتبر قصة سنوحى "المعروفة أيضا باسم سا نهت" واحدة من أفضل أعمال الأدب المصرى القديم، تروى القصة فى أعقاب وفاة الفرعون أمنمحات الأول، مؤسس الأسرة الثانية عشرة، فى أوائل القرن العشرين قبل الميلاد، وقد تألفت نحو عام 1875 قبل الميلاد، على الرغم من أن أقدم مخطوطة موجودة تعود لعهد أمنمحات الثالث، حوالى سنة 1800 ق.م.
وهناك جدل مستمر بين علماء المصريات حول ما إذا كانت القصة مبنية على أحداث فعلية تتعلق بفرد يدعى سنوحى، إلا أن أغلبية الآراء ترجح أنها عمل خيالى، نظرًا للطبيعة العالمية للمواضيع التى تم طرحها فى سنوحى، بما فى ذلك العناية الإلهية والرحمة، فقد تم وصف مؤلفها المجهول بأنه "شكسبير المصرى"، ويوجد لأفكاره نظائر فى نصوص الكتاب المقدس، كانت شعبية العمل كبيرة ويشهد على ذلك وجود العديد من الأجزاء الباقية حتى الآن، يعتقد أن العمل كان مكتوبًا بصورة شعرية، وربما كان يتم إنشاده.
الفلاح الفصيح
هى قصة مصرية قديمة عن فلاح يدعى "خن-أنوب" عاش فى عهد الأسرة التاسعة أو العاشرة حول إهناسيا، والذى تعرض لاعتداء من قبل نبيل يدعى رينسى بن ميرو.
تبدأ القصة بتعثر الفلاح خن-أنوب وحماره فى أراضى النبيل رينسى بن ميرو، فاتهمه المشرف على الأرض "نمتيناخت" بإتلاف الزرع، وبأن حماره أكل من زرع النبيل، فأخذ الحمار واعتدى على خن-أنوب، ذهب خن-أنوب إلى النبيل رينسى بالقرب من ضفة النهر فى المدينة، وأثنى عليه وبث له شكواه، فطالبه النبيل بأن يحضر شهود على صحة كلامه، إلا أن خن-أنوب لم يتمكن من ذلك، غير أن النبيل أعجب بفصاحة الفلاح، وعرض الأمر على فرعون وأخبره عن بلاغة الفلاح، فأعجب الملك بالخطاب، وأمره بأن يقدم عريضة مكتوبة بشكواه.
وظل خن-أنوب لتسعة أيام يتوسل للعدالة، بعد أن استشعر التجاهل من قبل النبيل، وأهان خن-أنوب النبيل فعوقب بالضرب. فرحل الفلاح المحبط، إلا أن النبيل أرسل إليه من يأمره بالعودة، وبدل من أن يعاقبه على وقاحته، أنصفه وأمر برد الحمار للفلاح وإعجابًا منه بفصاحته عينه مشرفًا على أراضيه بدلاً من المشرف الظالم نمتيناخت.
الملاح التائه
حكاية الملاح التائه أحد أعمال الأدب المصرى القديم التى ترجع لعصر الدولة الوسطى، والتى تدور حول رحلة إلى "مناجم الملك"، البردية التى تحتوى على القصة محفوظة فى المتحف الإمبراطورى فى سانت بطرسبرج، وليس هناك معلومات حول المكان الأصلى التى تم العثور عليها فيه.
تعد حكاية الملاح التائه أقدم القصص التى تروى حكايات البحارة الذين تغربوا عن بلدانهم، مثل حكاية السندباد البحرى وروبنسون كروزو. تجسد القصة مشاعر الوحدة والخوف من الموت فى بلد أجنبي، وهو موضوع تكرر فى الأدب المصري.
تدور الحكاية حول الملاح الذى يعود من رحلة استكشافية فاشلة، ويقص على الوزير قصة اصطدام سفينته بجزيرة مع تعهده بهدايا للملك. فقد أبحر فى مجموعة من البحارة على ظهر سفينة ضخمة فى رحلة إلى المناجم. وبينما هم مبحرون هبت عليهم عاصفة أغرقت السفينة ولم ينج سواه، بعدما تشبث بلوح من الخشب، إلى أن ألقته الأمواج على ظهر جزيرة غريبة، حيث وجد المأوى والغذاء فى الجزيرة التى قال إن فيها كل ما تتمناه.