تمر اليوم الذكرى الـ48 على رحيل الشاعر التشيلى الشهير بابلو نيرودا، وهو شاعر تشيلى الجنسية ويعتبر من أشهر الشعراء وأكثرهم تأثيراً فى عصره، ولد فى تشيلى، بقرية بارال بوسط تشيلى فى 12 يوليو عام 1904.
وكان نيرودا عضواً بمجلس الشيوخ وباللجنة المركزية للحزب الشيوعى ومرشح سابق للرئاسة فى بلاده، نال العديد من الجوائز التقديرية أبرزها جائزة نوبل فى الآداب عام 1971.
توفى نيرودا فى 23 سبتمبر 1973 متأثرا بمرضه وبإحباطه من الانقلابيين، حتى إن آخر الجمل ولعلها آخر جملة فى كتاب سيرته الذاتية: "أعترف أننى قد عشت" (تُرجم للعربية!) كانت: "لقد عادوا ليخونوا تشيلى مرة أخرى".
لكن هناك جدلا كبيرا حول سبب وفاة نيرودا، ما بين وفاة طبيعية متأثرا بمرض أقعده فى سنواته الأخيرة، وما بين موته بالسم مقتولا.
شهادة وفاة شاعر الشيلى العالمى الحائز على جائزة نوبل، تفيد من حيث نصها المكتوب بدقة أنه توفى يوم 23 سبتمبر 1973 بداء سرطان البروستاتا، أى أن الوفاة تمت داخل إحدى مصحات سانتياجو العاصمة التى كانت تحت المراقبة بعد إثنى عشر يوما على الانقلاب العسكرى الذى قاده الجنرال بينوشى بأمر من الرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيكسون انتهى بقتل سلفادور أليندى الرئيس الاشتراكى الشرعى الذى حملته إلى الرئاسة صناديق الاقتراع واإلإرادة الديمقراطية لشعب الشيلي، وكان ضروريا للإمبريالية الأمريكية أن تزيحه قبل أن يزيح هو مصالحها الاقتصادية والتجارية والسياسية من الشيلي.
موت الشاعر نيرودا أصبح بعد مرور أربعين سنة موتا إشكاليا يحتاج إلى إعادة نظر لكتابة شهادة ميلاد جديدة تطابق حقيقة موته الفعلية، هذه الحقيقة هى التى أعلنها الناطق الرسمى لفريق الخبراء الدوليين والوطنيين الإسبانى "آوريليو لونا" فى عام 2017، خلال عرضه لنتائج التحقيق فى سبب موت الشاعر حيث قال بالحرف إن التحقيق أدى إلى اكتشاف السم فى بقايا جسم الشاعر، والذى سيتطلب تحليلا آخر سيطول لمدة سنة للوصول إلى النتيجة النهائية، مضيفا بتعبير دقيق وواثق أنه "ليس لدينا التصميم على أن هناك تدخل فعلى من قبل طرف ثالث، لكن لدينا إمكانية لوجود تدخل من طرف ثالث"، منهيا كلامه أن ما هو "صحيح تماما أن شهادة وفاة الشاعر بابلو نيرودا لا تعكس حقيقة موته".
وأما القاضى الخاص المكلف بملف التحقيق "ماريو كاروزا" أكد من جانبه، عند اجتماعه بفريق الخبراء أن "هذا الأمر بات واضحا تماما".
ومن بين الأسرار التى أكد عليها السائق "مانويل آرايا" هو أن بابلو نيرودا كانت صحته جيدة وانتهى من التخطيط للذهاب إلى المنفى بالمكسيك بعد أن تلقى دعوة من الرئيس المكسيكى الأسبق، لكن يوما قبل وفاته تم تلقيحه بمادة قاتلة فى بطنه.
وقال السائق، فى نفس الحوار، إن "ماتيلدى أوروتيا" زوجة الشاعر نيرودا تفادت اتخاذ الإجراءات القانونية ضد النظام مخافة ضياع ممتلكاتها، مستطردا "أننا ذهبنا لجلب أمتعته وعندما عدنا وجدنا ثمة بقعة حمراء فى بطن نيرودا، عندها دخلت إلى الحمام لأبلل وجهي، ولما وصل الطبيب أرسلنى لشراء دواء "لوبوطان" غير أن رجال الشرطة اعتقلونى فى الطريق وأخذونى إلى الملعب الوطني"، مشيرا إلى أن الصدمة هى أنه اعتقل فى تمام الساعة 9:50 مساء بينما الشاعر نيرودا مات فى الساعة 10:00 وهذا الأمر جعل الشك يراود السائق السابق للشاعر الذى ظل على أساسه يطالب بالكشف عن حقيقة موت صديقه الكبير.
وبعد سنوات من الغموض الذى أحاط بوفاته هو وصديقه المقرب الرئيس الشيلى الأسبق سلفادور الليندي، كشف مجموعة من الخبراء الدوليين أمس عن أن نيرودا قتل بمادة سامة وليس بسرطان البروستاتا كما أشيع.
وكانت السلطات الشيلية قد أعلنت فى 2011 إعادة فتح التحقيق فى مقتل الليندى ونيرودا اللذين فرقهما الموت فى غضون أيام عن بعضهما، حيث قيل إن الليندى انتحر خلال الانقلاب العسكرى الذى قاده الجنرال أوجوستو بينوشيه فى 11 سبتمبر 1973، وأن نيرودا توفى بعد ذلك بـ12 يوما نتيجة أزمة قلبية أصابته جراء مرضه بسرطان البروستاتا الذى كان يعانى منه.
وأجريت الدراسات لتوضيح ما إذا كان الشاعر قد مات بأسباب طبيعية، أو ما إذا كان بينوشيه قد سممه، غير أن الخبراء قالوا إن هناك حاجة لمزيد من التحليلات للتوصل إلى نتيجة نهائية.
وتجدر الإشارة إلى أنه فى سنة 2015، وخلال التحقيق الثاني، وجد الخبراء فى بقايا جثة الشاعر نيرودا بأحد مختبرات مركز العلوم والطب الشرعى لجامعة مورسيا الإسبانية بكتيريا، ما شجع الخبراء الدوليين والشيليين على المضى بتصميم لولوج باب الحقيقة كاملة، ذلك أن نوع البكتيريا المكتشفة لا علاقة لها بسرطان البروستاتا التى زعم الخطاب الرسمى لنظام بينوشى بأنه كان سبب وفاة الشاعر العالمى نيرودا.