الفنان الشعبي محمد طه (1922- 1996) مبدع مصرى أصيل، امتداد لتاريخ طويل من المبدعين المصريين القدماء الذين كانوا يغنون وهم يعملون فى حقولهم ونهرهم وكل ما يتعلق بعملهم وصناعتهم.
وتمر اليوم ذكرى ميلاد محمد طه الذى ولد فى محافظة طهطا فى سوهاج ثم جاء مع والده وأخوته صغيرًا إلى القاهرة، وعمل فى أحد مصانع النسيج فى شبرا، وهناك كان يغنى وينشد وهو يعمل مما سمح له بالتعرف على مصطفى مرسى، المعروف برئيس الزجالين، فتبناه وعلمه أصول الفن، ومع الموهبة صار محمد طه حلقة ذهبية فى الفن الشعبي فى مصر.
ولأنه بدأ من المصانع وبين العمال لذا ظل أداؤه وكلماته التى كان يرتجلها فى معظم الأحيان، دالة بقوة على الطبقة الشعبية فى مصر التى يدور عالمها حول التعب والرضا بما قسمه الله لها.
اشتهر محمد طه بعدما وصل بغنائه إلى الموالد الدينية فى مصر، ومنها مولد السيدة زينب ومولد الحسين، فقد استمع إليه ذات يوم الإذاعى طاهر أبو زيد، فطلب منه أن يحضر للإذاعة وتم إعتماده بالإذاعة عام 1956 بعد إجتيازه الإختبار بتفوق في اللجنه التي كانت تضم كلاً من طه حسين والإذاعي محمد حسن الشجاعي وعازف الكمان أنور منسى، وهنا وجبت الإشارة إلى أن محمد طه مثل الكثير من المصريين لم يكن يحمل أي شهادة تعليمية.
النقلة الكبرى فى حياة محمد طه حدثت عندما عرفته السينما وكانت البداية فى عام 1956، وظهر فى أفلام منها دعاء الكروان، وحسن ونعيمة، والسفيرة وغيرها، وهنا وجبت الإشارة إلى أنه بعد ثورة 1952 كانت مصر قد تغيرت بالفعل وصار لأبناء الطبقات الشعبية مكانتهم وبالتالى صارت لفنونهم مكانة أيضًا.
من اللحظات المضيئة أيضا فى حياة محمد طه، أن ضمه زكريا الحجاوي إلى "فرقة الفلاحين للفنون الشعبية" التي كلفته وزارة الثقافة بتشكيلها، كما غني في احتفالات اعياد ب الثورة أمام جمهور يتقدمه جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وكمال الدين حسين وغيرهم من القادة.
وكون محمد طه فرقته الموسيقية الخاصة "الفرقة الذهبية للفنون الشعبية" وضم إليها أخاه "شعبان طه" الذي يشبهه تماماً كما ضمت الفرقة عازفين للناي والأرغول والكمان والعود والطبلة، وهي الفرقة التي ظلت تلازمه في كل حفلاته في الأفلام التي شارك فيها، كما كون شركة لطباعة اسطواناته سماها شركة "ابن البلد".
وكان محمد طه أول فنان شعبى مصرى يحصل على عضوية جمعية المؤلفين والملحنين فى فرنسا، ويكون له كرسى يمثل مصر من خلاله، وظل يبدع ويؤف ويرتجل المواويل حتى وفاته فى 12 نوفمبر عام 1996، تاركاً وراءه ثروة وكنوزاً فنية تجاهلها المسئولين ولا يتم عرضها رغم ما تحمله من إبداع وفن.