كان موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، نجمًا منذ طفولته، فقد كان شغوفًا بالأصوات الجميلة يستمع إليها ويتأثر بها، وكان يقرأ القرآن الكريم ويؤذن فى المساجد، ونقرأ ذلك معا فى كتاب "محمد عبد الوهاب.. هذه الأسطورة" لـ سهير عبد الفتاح.
يقول الكتاب:
لا يكاد الطفل (محمد عبد الوهاب) يبلغ عامه الخامس حتى يبدأ أولى خطواته ويشارك بصوته فى عالم الأصوات.
ذات يوم غسلت أمه جسده الصغير بيديها وألبسته الجلباب الأبيض الجديد، والطاقية، وأسلمته لوالده الذى سار به إلى الكتاب، وهكذا أصبح من حقه الآن أن يصحب والده إلى الجامع وأن يستمع إليه وهو يؤذن مسبحا مبتهلا بصوته البالغ العذوبة والشجن، خاصة حين يتنقل بين نغمات البيات والحجاز التى تركت فى أعماق الطفل أثار وذكريات لا تمحى.
ثم جاء دوره هو ليؤذن للصلاة، لقد بلغ السابعة من عمره وحفظ ثلث القرآن الكريم، وأخذ يطوف بمساجد باب الشعرية، ومساجد الأحياء القريبة ليستمع إلى كبار المشايخ أمثال أحمد ندا، وعلى محمود، ويقلد أصواتهم وطرقهم فى الكتاب.
وفى فجر يوم من أيام رمضان فوجئ المصلون فى المسجد بصوت جميل شجى يؤذن للصلاة وكان صوت صبى ما زالت فيه أثار الطفولة، وكانت هذه أول مرة يستمع فيها الناس إلى صوت محمد عبد الوهاب.
وأصبح الصبى محمد عبد الوهاب نجما فى الكتاب الملحق بجامع الشيخ الشعرانى لا لأنه كان متفوقا فى حفظ القرآن الكريم، أو فى دروس الخط والتجويد، بل لأنه كان يرتل القرآن الكريم بصوت جميل ومؤثر ولهذا أحبه عريف الكتاب والصبية الذين كانوا يتحلقون حوله وهو فى وسطهم فترتفع أصواتهم النحيلة:
الله يا شيخ محمد، الله يفتح عليك.