تمر اليوم الذكرى الـ834 على انتهاء حصار صلاح الدين الأيوبى للصليبيين ودخول القدم، بعد 88 عامًا من حكم الصليبيين لها، وذلك فى 2 أكتوبر عام 1187م.
كانت هزيمة الصليبيين فى معركة حطين كارثية، حيث فقدوا فيها زهرة فرسانهم، وقتل فيها أعداد كبيرة من جنودهم وأسر فيها أعداد كبيرة أيضاً، وأصبح بيت المقدس فى متناول القائد صلاح الدين الأيوبي، وكان من بين الأسرى ملك بيت المقدس ومعه 150 من الفرسان، وغيرهم من كبار قادة الصليبيين، فأحسن صلاح الدين استقبالهم، وسرعان ما دخلت قوات صلاح الدين المدن الساحلية كلها تقريباً جنوبى طرابلس، عكا، بيروت، صيدا، يافا، قيسارية، عسقلان، وقطع اتصالات مملكة القدس اللاتينية مع أوروبا، كذلك استولى على أهم قلاع الصليبيين جنوبى طبرية، ما عدا الكرك وكراك دى شيفاليه (قلعة الحصن).
وبحسب كتاب "الروضتين" لأبو شامة المقدسى، كان الصليبيون قد بدؤوا القتال قبل تمركز جيش المسلمين حول أسوار المدينة، وذلك عندما تقدمت مفرزة من طليعة الجيش الإسلامى نحو الأسوار بقيادة الأمير جمال الدين شروين بن حسن الرازى، فخرجت إليها مفرزة من حامية المدينة، فقاتلتها، وهزمتها، وقتلت أميرها.
ووفقا لكتاب "مفرج الكروب" ليوسف النبهانى، قرر صلاح الدين أن يشن هجوما حاسما على المدينة، وكثف رمايات المجانيق، مغطيا تقدم المهاجمين بحجارتها، وسيل من السهام، والنبال يطلقها الرماة نحو المدافعين عن السور، والحصون، لكى تشل مقاومتهم مما جعل أولئك المدافعين يتراجعون عن مراكزهم، بينما تقدم المسلمون، واجتازوا الخندق الخارجى المحفور حول السور، ثم التصقوا به وعملوا به نقباً، وتهديماً، واشتد قصف المجانيق، وتوالى رمى السهام، والنبال من الرماة المتقدمين خلف المهاجمين يحمونهم، ونجح المهاجمون فى فتح ثغرات عديدة فى السور، الذى أوشك أن يصبح ملكاً للمهاجمين، وفى وقت ما من تاريخ 29 سبتمبر 1187 استطاع المهاجمون فتح "ثغرة كبيرة" فى السور نفذ منها المسلمون، ورفعوا راياتهم عليه، إلا أن المدافعين ما لبثوا أن احتشدوا، وردوا المسلمين عن السور، ورغم ذلك فقد أيقن المدافعون أن لا جدوى من دفاعهم، وأنهم مشرفون على الهلاك، بل إنهم هالكون حتماً، إن هم استمروا فى عنادهم، وتزاحم الناس فى الكنائس للصلاة، والاعتراف بذنوبهم، وأخذوا يضربون أنفسهم بالحجارة، ويرجون المدد، وقطعت النساء شعور بناتهن على أمل استثارة الرجال لحمايتهن من سبى المسلمين لهن.
ولكن يكن بمقدور حاميتها الصغيرة أن تحميها من ضغط 60 ألف رجل، فاستسلمت بعد ستة أيام، وفى 2 أكتوبر 1187 م فتحت الأبواب وخفقت راية السلطان صلاح الدين الصفراء فوق القدس.