تمر اليوم ذكرى، اغتيل الخليفة عبد الله العادل على يد شقيقه، وذلك فى 4 من أكتوبر من عام 1227، والعادل هو عبد الله ابن الخليفة أبى يوسف المنصور "الموحدى"، عينه الأشياخ الموحدون خليفة للموحدين سنة 621هـ/1224م، ثم قتلوه سنة 624هـ/ 1227م.
وتقول القصص التاريخية كان أبو محمد عبد الله العادل واحدً من ستة عشر ولدًا ذكرًا تركهم الخليفة أبو يوسف المنصور، وهو ثانى ثلاثة من أبناء الخليفة أبى يوسف المنصور تولوا خلافة الموحدين من بعده، والآخران هما محمد الناصر، الذى خلف أباه "حكم بين عامى 1199 و1213 م" وأبو العلاء إدريس المأمون، الذى خلف ابن أخيه يحيى المعتصم "حكم بين عامى 1227 و1232م".
عينه أخوه محمد الناصر واليًا على إشبيلية بعد قليل من تولى الناصر الخلافة فى سنة 595 هـ (1199 م)، لكنه لم يلبث أن عزله، ثم عاد فاستبقاه فى منصبه تحقيقًا لرغبته، وكان ذلك فى أوائل سنة 597 هـ (خريف سنة 1200 م).
وفى سنة (607 هـ (1210 م)، نقل أبو محمد واليًا لشرقى الأندلس، وكان الخليفة محمد الناصر كثير التغيير والتبديل للولاة ورجال الدولة، وفى سنة 620 هـ توفى الخليفة أبى يعقوب يوسف المستنصر دون عقب، فاستقر الموحدون على تنصيب أبى محمد عبد الواحد بن يوسف بن عبد المؤمن، غير أن العادل، وكان آنذاك واليًا على مرسية، لم يلبث أن أعلن نفسه خليفة للموحدين وتلقب بالعادل، وذلك فى شهر صفر سنة 621 هـ، وأيدته فى دعوته معظم القواعد الأندلسية الكبرى، وكان ولاة قرطبة وغرناطة ومالقة وإشبيلية يومئذ من إخوته، أولاد الخليفة أبى يوسف المنصور.
سار العادل إلى إشبيلية، وهناك وصلته بيعات أهل مراكش وبلاد المغرب، وقام أشياخ الموحدين بمراكش بخلع الخليفة أبى محمد عبد الواحد، ثم دبروا قتله غيلة فى شعبان سنة 621 هـ، وعندئذ عبر العادل إلى المغرب (أواخر سنة 622 هـ)، وترك أخاه أبا العلاء إدريس بن المنصور واليًا لإشبيلية، وهى يومئذ قاعدة الحكم الموحدى بالأندلس، وتربع العادل على كرسى الخلافة، وكانت أحوال الدولة الموحدية قد ساءت يومئذ ومزقتها الأهواء والفتن، وتضعضع سلطانها فى معظم أنحاء المغرب والأندلس.
لم يمضِ قليل على قيام العادل فى الخلافة حتى خرج عليه بالأندلس أخوه أبو العلاء إدريس والى إشبيلية، ودعا لنفسه، وتسمى بالمأمون، وكان من أصداء هذه الحركة الجديدة فى مراكش أن قام الموحدون بقتل العادل، ولكنهم لم يعلنوا بيعة المأمون، بل أقاموا مكانه فى الخلافة ولد أخيه، يحيى بن الناصر (يحيى المعتصم) فى شوال سنة 624 هـ، فغضب المأمون، وقصد إلى مراكش فهاجمها بمعاونة فرقة من النصارى أمده بها فرناندو الثالث ملك قشتالة، فهُزم يحيى، وفر ناجيًا بنفسه، ودخل المأمون مراكش، وتربع على كرسى الخلافة.