تعد مدينة القاهرة من أكثر المدن تنوعاً ثقافياً وحضارياً، حيث شهدت العديد من الحقب التاريخية المختلفة على مر العصور، وتوجد فيها العديد من المعالم القديمة والحديثة، فأصبحت متحفاً مفتوحاً يضم آثاراً فرعونية ويونانية ورومانية وقبطية وإسلامية، بدأ القائد جوهر الصقلى فى بناء العاصمة بأمر من الخليفة الفاطمى المعز لدين الله الفاطمى، وذلك فى يوم 17 شعبان عام 358 هجرية الموافق 6 يولية عام 969م وأصبح هذا اليوم عيدًا قوميًا لمحافظة القاهرة.
يعود تاريخ المدينة إلى نشأة مدينة أون الفرعونية أو هليوبوليس "عين شمس حاليًا" والتى تعد واحدة من أقدم مدن العالم القديم كما تضم "حصن بابليون" فهو من الآثار الرومانية القديمة، وتضم أيضًا الكنيسة المعلقة وشجرة السيدة مريم وهى الشجرة التى استظلت بها السيدة مريم فى رحلتها من فلسطين لمصر هربًا من بطش الرومان.
أما القاهرة الإسلامية بطرازها المعمارى الفريد والتى بدأت ملامحها تظهر مع الفتح الإسلامى لها على يد عمرو بن العاص عام 641م وبنائه لمسجد يحمل اسمه والذى يعد أول مسجد يبنى فى أفريقيا، وعلى أرض القاهرة بَنيت مدينة الفسطاط والعسكر والقطائع فى العصر العباسى.
لم تصبح القاهرة الحاضرة الحقيقية ومركز الحكم فى مصر الإسلامية إلا بعد أن أحرقت الفسطاط عمداً فى سنة 564هـ/1168م، وجاء سور صلاح الدين ليجسد الوحدة الحقيقية للعاصمة، فصممها ليحيط بالقاهرة وحدها، بل وبالقلعة وبما تبقى من مدينتي الفسطاط والقطائع.
وقد توفر لهذا الموقع الذى أصبحت القاهرة امتداداً له بعد نحو ثلاثة قرون، الشروط اللازمة لإقامة المدن وضمان استمرارها، وجاء اختياراً موفقاً من جميع الوجوه، فالمدينة محمية من ثلاث جهات: بالتل شرقاً، والنيل غرباً، والتقاء التل مع النهر جنوباً، ومفتوحة فقط من الشمال الأمر الذى وفر لها مكاناً يطرد فيه اتساعها وهو الذى قامت فيه بعد ذلك العسكر والقطائع والقاهرة وضواحيها الحالية، كذلك فإن التلال الشرقية وفرت للمدينة مادة بناء ثمينة هي الحجر، مثلما وفر لها النهر خامة الطوب، وقد ضمت المدينة مسجداً جامعاً هو المعروف بالجامع العتيق وتاج الجوامع وجامع عمرو، واختطت القبائل العربية التي تألف منها جيش القائد الفاتح عمرو بن العاص حول الجامع ودار الإمارة فاختير لكل جماعة "خطة" تنزل بها. وكان جملة سكان هذا المعسكر 15.500 هم عدد الجنود المشاركين فى الفتح.
وفى نهاية الخلافة الفاطمية عام 1168 م وقع حريق الفسطاط أتى على كل المدينة ولم يبق منها إلا مسجد عمرو بن العاص، ولولا هذا الحريق لكان هناك الآن آثار أخرى بقيت من الفسطاط التى بناها عمرو بن العاص بعد فتح مصر عام 641 م، ففى نهاية العهد الفاطمى عاشت مصر فترة انهيار كبيرة نتيجة تداعى الخلافة الفاطمية و ضعف الخلفاء و آخرهم الخليفة الفاطمى العاضد بالله الذى أخذ يكيد لوزرائه و يؤلب بعضهم على بعض.
وفى عهده نشب صراع مرير على الوزارة بين الأمير شاور حاكم الصعيد والأمير ضرغام أمير فرقة من الجند المغاربة، وكل يحاول أن يصل إلى كرسى الوزارة على جثة الآخر، والخليفة العاضد يقف متفرجاً يكيد لأحدهم تارة ثم ينقلب عليه تارة اخري، قرر شاور حرق مصر (الفسطاط) لعرقلة دخول الصليبيين القاهرة، وأمر أهل مصر (الفسطاط) بترك بيوتهم ومحالهم والانتقال إلى القاهرة التى بناها المعز، و قام بإحراق الفسطاط بأكملها، و ظلت النار مشتعلة فيها 54 يوماً و كان الدخان يرى على مسيرة 3 أيام، و بذلك ضاع كل أثر للفسطاط التى بناها عمرو بن العاص و لم يبق منها إلا جامع عمرو بن العاص.
وعلى ذلك تأسست مدينة الفسطاط أول عواصم مصر الإسلامية، ونسبت إلى الفاتح العربي بحيث أصبح يقال لها فسطاط عمرو، وأقدم المصادر التي تشير إلى تأسيس الفسطاط هو كتاب "فتوح مصر وأخبارها" لابن عبد الحكم المتوفى سنة 257هـ/ 870م.
واشتمل كتاب "المغرب فى حلى المغرب" لابن سعيد المغربى المتوفى سنة 685هـ/1286م على بعض التفصيلات الخاصة بتطور المدينة، وكان علينا الانتظار إلى مطلع القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي ليقدم لنا كل من ابن دقماق والمقريزي وصفاً محدداً وتفصيلياً للمدينة اعتماداً على مصادر لم تصل إلينا مثل مؤلفات القُضاعي والشريف الجواني، ولكن ابن دقماق في كتابه "الانتصار" والمقريزي في كتابه الشهير "الخطط" خلطا - وعلى الأخص ابن دقماق - بين عناصر قديمة وبين الأوضاع السائدة خلال العصر المملوكي.