تمر، اليوم، الذكرى 82 على ميلاد الكاتب الكبير الراحل صلاح عيسى، إذ ولد فى 14 أكتوبر 1939م، فى قرية "بشلا" بمحافظة الدقهلية، فكان والده وفديا، أما والدته فكانت لا تجيد الكتابة ولا القراءة لكنها حرصت على اقتناء الكتب، وبعدما شب صلاح عيسى كان يقرأ عليها كتب "سير الأنبياء".
بدأ صلاح عيسى حياته كاتبًا للقصة القصيرة وأصدر مجموعته القصصية "جنرالات بلا جنود"، ثم انشغل بالتاريخ طوال حياته، وكان لهزيمة يونيو 1967 أثر كبير في ذلك، إذ أفاق جيل الستينات المصري كله على الهزيمة بعد أن منوا أنفسهم بأمل يوشك أن يتحقق، وهكذا أعادوا قراءة التاريخ مرة أخرى ليعرفوا حقيقة ما حدث ومآلاته في القريب الذي ينتظرهم، وكان عيسى أحد أبناء هذا الجيل، ولذلك خرج كتابه "الثورة العرابية" مختلفًا عن غيره من الكتابات التي تناولت تلك الفترة، إذ إن ثمة تشابهًا قرأه عيسى بين الفترتين، الحركة العرابية، وانقلاب 1952، للاثنين نفس القوة في المطالبة بتغيير أفضل، وللاثنين نفس النتيجة في كسر الأمل والوصول لنهاية أسوأ من كل الخيالات.
وبحسب مقال للناقد عيد عبد الحليم، فإن صلاح عيسى بدأ مشروعه الثقافى أديباً فقد كتب عدة مجموعات قصصية ورواية تسجيلية تعد هى الأولى من نوعها، كتبها عن فترة المعتقل، مستعينًا بالتفاصيل الصغيرة، التي كان يعشق التدقيق فيها، ساردًا أحداثا هامشية تؤدي إلى أحداث كبرى، وهذه هي إحدى سمات الإبداع الجيد، أن تبدأ من الخاص، من الهامش، من المهمل، لتنتهي إلى قضايا عامة، تذكرنا تجربة "صلاح عيسى" فى كتابته عن المعتقل السياسي بعدد كبير من المبدعين الذين ظلوا سنين فى معتقلات ثورة يوليو مثل ألفريد فرج، وصنع الله إبراهيم، وفتحى عبدالفتاح، ونبيل زكى، ومحمود أمين العالم، وأحمد فؤاد نجم، وغيرهم من الذين سجلوا فى أعمالهم الأدبية وأشعارهم ومذكراتهم اللحظات الصعبة التي عاشوها فى معتقلات الأوردي وأبو زعبل والواحات وغيرها، بل إن بعضهم بدأ رحلته الإبداعية من داخل المعتقل مثلما حدث مع الروائى صنع الله إبراهيم، الذى كتب روايته الأولى "تلك الرائحة" فى معتقل الواحات على ورق " بفرة" السجائر.