تمر، اليوم، الذكرى الـ177 على ميلاد الفيلسوف الألمانى فريدرك نيتشه، إذ ولد فى 15 أكتوبر عام 1944، وهو فيلسوف ألمانى وناقد ثقافى وشاعر وملحن ولغوى وباحث فى اللاتينية واليونانية، كان لعمله تأثيرا عميقا على الفلسفة الغربية وتاريخ الفكر الحديث.
بدأ نيتشه حياته المهنية فى دراسة فقه اللغة الكلاسيكى، قبل أن يتحول إلى الفلسفة، ودائما ما يتم تعريفه بأنه شاعر وفيلسوف فهل كان فيلسوفا ومفكرا أم كان أديبا وشاعرا؟
لم يهتم الفيلسوف الألمانى الكبير فريدريش نيتشه "1844 – 1900"، بالشعر فقط، بل مارسه وألف العديد من القصائد، وقدّم الشعر فى كثير من الأحيان على الفلسفة، فى المقدرة على التأمل وإنتاج المعنى، فقد كان نيتشه فى الأصل باحثاً لغوياً وشاعراً وملحناً قبل أن يصبح فيلسوفاً، فهو يرى أن الشعر مجال حيوي للأفكار والتصورات والمواقف، ومن المفارقات أن كتابات الرجل في بداياته، كانت تُعامل من قبل الناشرين والنقاد معاملة النصوص الشعرية، بل وكان يحسبها البعض مسودات وأغاني.
وظف نيتشه اللغة الشعرية حتى في مؤلفات شديدة الأهمية، تلخص أفكاره الفلسفية مثل: "هكذا تكلم زرادشت"، ذلك الكتاب الذي أحدث دوياً هائلاً في عالم المفاهيم والتصورات، والذي نظر إليه الكثيرون كنص شعري، أو رواية تحتفي باللغة وجمالياتها، وهو الأمر الذي دفع نيتشه إلى القول إن لا أحد سيفهم ذلك المؤلف في عصره، خاصة من قبل الألمان الذين يهتمون بعالم الأفكار أكثر من الشعر، لكن كتاب "هكذا تكلم زرادشت"، لا يبرز كحالة نادرة في استخدام فيلسوف المطرقة للأسلوب الأدبي، لذلك اهتم دارسون وباحثون بالنزعة الشعرية التي تغلف العديد من نصوصه الفكرية مثل "إنساني مفرط في إنسانيته"، و"هذا هو الإنسان".
ما حدث لنيتشه في ألمانيا قابله تجاهل كامل في فرنسا حيث لم يتمكن الفلاسفة هناك من تصنيفه وإيجاد خانة تلائمه، ويرى الفيلسوف كرستيان غودان أن أسلوب نيتشه المراوغ والساخر والعصي على الفهم (وهو القائل: إنني أبذل قصارى جهدي كي يصعب فهمي) دفع أندريه جيد وبول فاليري إلى تجريد كتاباته من صفاتها الفلسفية وإلى اعتباره كاتبا وشاعرا لا غير.
ولكن نيتشه عاد إلى الأضواء مرة أخرى مع بروز الوجودية بصحبة سارتر وكامو. أما الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز الذي سمح لنيتشه باحتلال مكان في مجال الفلسفة فيقول عنه "دمج نيتشه، في الفلسفة نمطين تعبيريين جديدين هما: الحكمة والقصيدة. إنهما نمطان يبرهنان على تصور فلسفي جديد ويفصحان عن وجه آخر لكل من المفكر والفكر على حد سواء".