يعد الشاعر الكبير فاروق شوشة (1936- 2016) من أشهر المثقفين العرب فى النصف الثانى من القرن العشرين، وكان من المشغولين بالحب كتابة أو اختيارا لقصائد القدماء، ولكن ماذا عن حياة فاروق شوشة نفسه.
يقول كتاب "غرام المبدعين.. حكايات حب العشاق المجانين" لـ أيمن الحكيم، عن الحب الأول فى حياة فاروق شوشة: كنت فى فترة المراهقة، وهى فترة يرتبط فيها الشعور العاطفى والميل نحو الجنس الآخر بالشعور الروحى الذى يؤدى بك إلى طريق أقرب ما يكون إلى التصوف الفطري أو الحس الديني واكتشفت أنه حدث مزج بين الشعور فى نفسي، فلم تعد المحبوبة مجرد حالة وإنما تحول بيتها إلى كعبة وأنا أطوف حول البناء أمارس طقوسا كالصلوات.
وكل قصيدة أكتبها أو أتلوها كأنها ورد وترتيل ملأ علىَّ الحب حياتي فى تلك السنوات، هذا مع العلم بأن الظروف الاجتماعية لم تسمح بلقاء مباشر أو جلسة مشتركة لحوار حميم على لإطلاق، مجرد مرسالات ومكاتيب هوى نتبادلها، ترسل هى رسائلها لى على المدرسة، وأنا أرمي بالإجابات على رصيف بيتها، وأجري خجلا ورعبا من أن يشاهدني أحد ولما فاض بي الحب دفعني إلى أن أكتب مسرحية شعرية فى هذه السن، وأن أضع صورتي على غلاف المسرحية، وأن أزيلها بعدد من قصائد التي كتبتها بوحي من المحبوبة دون إشارة إليها، وقمت بإهداء الكتاب إلى والدها، حتى يدخل إلى بيت المحبوبة، بطريقة شرعية.
وعندما أتذكر هذه الواقعة أقول بأن وجودها بهذه الملامح وهذا الأسلوب كان حافزا مهما لي نحو إحساسى بأهمية الورقة المطبوعة، وأن ما أكتبه يأخذ مكانه الصحيح وشكله ليصبح كلاما مطبوعا ومنشورا وهو أول كتاب طبعته فى حياتى وأنا فى السنة الرابعة الثانوية.
وعندما جئت إلى الجامعة وغادرت القرية وبدأت أستعيد هذا الغرام بيني وبين نفسي أدركت سذاجة تلك المشاعر التى سيطرت علىَّ لسنوات، وأيقنت بأنه لو تحقق ما كنت أصبو إليه لعشت كارثة عمرى، وأن علي أن أحمد الله أن تلك العلاقة انتهت وأنا فى السادسة عشرة من عمري.