يعد الحجاج بن يوسف الثقفى، الذى رحل في سنة 95 هجرية، واحدا من أشهر الشخصيات فى التاريخ الإسلامى، وعادة ما يختلف المؤرخون فى دوره وأهميته، ولكنهم يتفقون على خطورته ومكانته، فما الذى يقوله التراث الإسلامى؟.
يقول كتاب البداية والنهاية تحت عنوان "وهذه ترجمة الحجاج بن يوسف الثقفى وذكر وفاته".
هو الحجاج بن يوسف بن أبى عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف، وهو قسى بن منبه بن بكر بن هوزان، أبو محمد الثقفى.
سمع ابن عباس، وروى عن أنس، وسمرة بن جندب، وعبد الملك بن مروان، وأبى بردة بن أبى موسى.
وروى عنه أنس بن مالك، وثابت البنانى، وحميد الطويل، ومالك بن دينار، وجواد بن مجالد، وقتيبة بن مسلم، وسعيد بن أبى عروبة. قاله ابن عساكر، قال: وكانت له بدمشق دور منها: دار الرواية بقرب قصر ابن أبى الحديد.
وولاه عبد الملك الحجاز فقتل ابن الزبير، ثم عزله عنها وولاه العراق.
وذكر صاحب العقد أن الحجاج كان هو وأبوه يعلمان الغلمان بالطائف، ثم قدم دمشق فكان عند روح بن زنباع وزير عبد الملك، فشكا عبد الملك إلى روح أن الجيش لا ينزلون لنزوله ولا يرحلون لرحيله، فقال روح: عندى رجل توليه ذلك، فولى عبد الملك الحجاج أمر الجيش، فكان لا يتأخر أحد فى النزول والرحيل، حتى اجتاز إلى فسطاط روح بن زنباع وهم يأكلون فضربهم وطوف بهم وأحرق الفسطاط، فشكا روح ذلك إلى عبد الملك، فقال للحجاج: لم صنعت هذا؟ فقال: لم أفعله إنما فعله أنت، فإن يدى يدك، وسوطى سوطك، وما ضرك إذا أعطيت روحا فسطاطين بدل فسطاطه، وبدل الغلام غلامين، ولا تكسرنى فى الذى وليتنى؟ ففعل ذلك وتقدم الحجاج عنده.
قال: وبنى واسط فى سنة أربع وثمانين، وفرغ منها فى سنة ست وثمانين، وقيل: قبل ذلك.
قال: وفى أيامه نقّطت المصاحف.
وذكر فى حكايته ما يدل أنه كان أولا يسمى: كليبا، ثم سمى: الحجاج.
وكانت فيه شهامة عظيمة، وفى سيفه رهق، وكان كثير قتل النفوس التى حرمها الله بأدنى شبهة، وكان يغضب غضب الملوك، وكان فيما يزعم يتشبه بزياد بن أبيه.
قالوا: وكان مولد الحجاج فى سنة تسع وثلاثين، وقيل: فى سنة أربعين، وقيل: فى سنة إحدى وأربعين، ثم نشأ شابا لبيبا فصيحا بليغا حافظا للقرآن.
قال بعض السلف: كان الحجاج يقرأ القرآن كل ليلة.
وقال أبو عمرو بن العلاء: ما رأيت أفصح منه ومن الحسن البصري، وكان الحسن أفصح منه.
وقال الدارقطنى: ذكر سليمان بن أبى منيح، عن صالح بن سليمان، قال: قال عقبة بن عمرو: ما رأيت عقول الناس إلا قريبا بعضها من بعض، إلا الحجاج وإياس بن معاوية، فإن عقولهما كانت ترجح على عقول الناس.
وتقدم أن عبد الملك لما قتل مصعب بن الزبير سنة ثلاث وسبعين بعث الحجاج إلى أخيه عبد الله بمكة فحاصره بها، وأقام للناس الحج عامئذ، ولم يتمكن ومن معه من الطواف بالبيت، ولا تمكن ابن الزبير ومن عنده من الوقوف، ولم يزل محاصره حتى ظفر به فى جمادى سنة ثلاث وسبعين، ثم استنابه عبد الملك على مكة والمدينة والطائف واليمن، ثم نقله إلى العراق بعد موت أخيه بشر، فدخل الكوفة كما ذكرنا، وقال لهم وفعل بهم ما تقدم إيراده مفصلا، فأقام بين ظهرانيهم عشرين سنة كاملة.
وفتح فيها فتوحات كثيرة، هائلة منتشرة، حتى وصلت خيوله إلى بلاد الهند والسند، ففتح فيها جملة مدن وأقاليم، ووصلت خيوله أيضا إلى قريب من بلاد الصين، وجرت له فصول قد ذكرناها.