تمر اليوم الذكرى الثامنة على قيام مجلة ساينس العلمية بنشر أبحاث حول جمجمة وجدت في جورجيا، تحديدًا في دامنيسى، تدعو إلى التشكيك في تصنيف جنس الإنس (الهومو)، هو جنس يندرج تحت الفصيلة البشرانيات في علم التصنيف الحيوي، ويتفرع منه الإنسان الحديث أوالإنسان العاقل والأنواع الحيوية المرتبطة به.
ويظل الإنسان هو اللغز الأكبر فى الكون، وتظل الدراسات تنبش فى ماضيه، باحثة عن إجابة لكثير من الأسئلة، واضعة نظريات لرحلة الإنسان الأول، أين نشأ وإلى أين اتجه؟
ويعتقد أن الإنسان المعاصر الفصيل الوحيد الذى لم ينقرض من الأناسى أو "هومو" هو أنه ظهر قبل حوالى مائتى ألف عام فى مكان ما بالقرب من الأخدود الأفريقى العظيم، وبحسب ما نشرته إذاعة "دويتش فيله" الألمانية، ذكرت أبحاث حديثة أن الرحلة الأولى للإنسان العاقل (هومو سابينس) من أفريقيا كانت قبل نحو 100 ألف عام وباتجاه الشرق الأوسط وحدث هناك أول تزاوج داخلى بين النوع البشرى (هومو سابينس) وإنسان النياندرتال.
وتطرح الأبحاث التي توضح حدوث تزاوج داخلى بين النوع البشري (هومو سابينس) أو الإنسان العاقل وإنسان النياندرتال منذ نحو 100 ألف عام، أدلة مثيرة على أن الإنسان الحديث ارتحل من القارة الأفريقية فى وقت أقدم بكثير مما كان يعتقد من قبل على الرغم من أنه يبدو أن هذه الرحلة باءت بالفشل.
إلا أن فريق بحثى بقيادة "جان جاك هابلين" من مؤسسة ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية، اكتشف أن الإنسان العاقل عاش قبل ثلاثمائة ألف سنة، في جبل إيجود (Jebel Irhoud) بالمغرب، ويرجح الباحث من متحف التاريخ الطبيعي فى لندن، كريس سترينجر، أن "السلف المباشر للبشر المعاصرين ربما نشأ فى أفريقيا منذ حوالي 500 مليون سنة وتطوروا إلى مجموعات منفصلة".
ويقول كتاب "كيف بدء الخلق" لعمرو شريف والصادر عن مكتبة الشروق الدولية، كانت هناك نظريتان حول نشوء الإنسان الحديث، ترى الأولى أن كل السلالات الحالية قد انحدرت من الإنسان منتصب القامة، فى وقت واحد فى أماكن متفرقة، حيث غطى التوزيع الجغرافى لهذا الكائن المنطقة ما بين شرق أفريقيا وجنوبها إلى شرق آسيا، وتسمى هذه النظرية "النشأة متعددة المناطق".
أما النظرية الثانية فترى أن سلاسة الإنسان منتصب القامة التى عاشت فى شرق أفريقيا قد تطورت إلى الإنسان الحديث هناك، ثم تفرقت عشائر هذا الكائن خارج أفريقيا، وكان يعتقد أن هذه النظرية قد فقدت صلاحيتها ولكن علم البيولوجية أثبت أن الإنسان الحديث بتوزيعاته الجغرافية المختلفة انطلق من مكان واحد منذ حوالى 170 ألف سنة، وبذلك كانت القضية أن تحسم لصالح نظرية "انطلاقا من أفريقيا".
وقد أثبتت الـ dna أن إنسان "كرو – مانيون" لم ينشأ من النياندرتال، بل إن كليهما نشأ من إنسان أسبق هو الإنسان منتصب القامة الذى تفرع إلى فرعين: أحدهما أدى إلى النياندرتال والثانى إلى الإنسان "الكرو – المانيون"، فهم أصلا أبناء عمومتنا وليسوا أجدادنا.
وتظهر الأدلة القوية أن إنسان كرو – مانيون" الذى ظهر فى أفريقيا منذ 130- 170 سنة قد هاجر منها إلى الشرق الأوسط ثم إلى أوروبا، وفى هذه الأماكن عاش مع إنسان نياندرتال لبضعة آلاف من السنين قبل أن يحل محله تماما (حلول استبدال وليس حلول تطور أو ذوبان) منذ حوالى 34 ألف سنة.
ومنذ 13 ألف سنة هاجر الإنسان الحديث من أوروبا إلى أمريكا الشمالية عن طريق شمال شرق سيبيريا حيث كان هناك جسر عريض من اليابسة بين سيبيريا وآلاسكا استمر حتى ذابت المثالج بعد العصر الجليدى ومن أمريكا الشمالية اتجه الإنسان الحديث صوب أمريكا الجنوبية.