رحل منذ أيام قليلة المفكر الكبير حسن حنفى (1935- 2021) وخلف لنا تراثا يستحق المتابعة والقراءة ومن ذلك كتابه دراسات فلسفية (الجزء الأول): فى الفكر الإسلامى المعاصر.
يشتبك الدكتور حسن حنفى فى كتابه "دراسات فلسفية" مع الواقع الإسلامى بصفة عامة، والمصرى بصفة خاصة، إذ شهدت الساحة المصرية صراع بين الإسلاميين والعلمانيين، وبدأت الجماعات الإسلامية ومن سار على دربها فى الانقضاض على منجزات الثورة باسم "التراث".
وقد أثار الصراع الفكرى حفيظةَ المفكر الذى قضى عمرَه وفكره يبحث فى كيفية التعامل مع التراث الإسلامى دون إقصائه أو تحكُّمه فى المستقبل الجديد،، فأخذ يُرسخ للجزء الأول من مشروعه الكبير "التراث والتجديد" عبر محوره الأول "موقفنا من التراث القديم" كما يراجع الفيلسوف العربى مسارَ الفكر الإسلامى منذ "جمال الدين الأفغانى" حتى عصر العلم والإيمان، مؤكِّدًا أن نهايات هذا المسار أدت إلى كبوةٍ فى الفكر المعاصر، داعيًا ومخطِّطًا لاستكمال المسيرة الفكرية بحيث تتواكب مع منطلقاته الأولى، ومتجاوزًا عَثراته السابقة.
وقد صدر هذا الكتاب فى سنة ١٩٨٧، وفيه يقول حسن حنفى تحت عنوان "التراث الذاتي"، التراث الذاتى هو ما يصل إلى شعب ما مما خلَّفه القدماء، وتتوارثه الأجيال، ويحدث لتيَّارات عامة واتجاهات ومدارسَ فكرية، ويُؤثر فى سلوك الناس.
وهى مسئولية تاريخية تتحملها الأجيال فتواصل تاريخها، أو تتركها فتنقطع جذورها فتذوب فى ثقافات مغايِرة، والفعل اللاتينى Tradere يُفيد كِلا المعنيَين: يحمل أو يخون.
ونعنى بالتراث هنا التراثَ "الإسلامي" فهو الأعم والأشمل من التراث "العربي" أبدعه العرب وغير العرب، ومكتوب باللغة العربية وباللغات الإسلامية، والقرآن مكتوب بلغة العرب ولكنَّ الإسلام لكافة الشعوب، والحضارة إسلاميَّة، والعلوم إسلامية.