نلقى الضوء على كتاب "البوّابات الجنوبيّة لجزيرة العرب.. رحلة إلى حضرموت عام 1934" للرّحّالة البريطانية فريا ستارك، ترجمة وفاء الذّهبى، والكتاب يكشف جزءا من تاريخ اليمن خاصة منطقة حضرموت.
يقول الكتاب فى مقدمته:
وفريا ستارك كاتبة بريطانية مثقفة وجريئة، يغلب عليها الطّابع الإنسانى العاطفى ورهافة الحسّ واللّباقة، زارت حضرموت فى ثلاثينيات القرن العشرين برحلة شائقة، يسرّنا أن نضيفها اليوم إلى ما سبق أن نشرناه لمغامِرات من النّساء: الألمانيّة دوروتيّا فون لينكِه (الكونتيسّة مالمينياتي)، والبريطانيّات مارى تْشَب، مارغريت مَري، غرترود بِل، مايبِل بِنت. كما سوف نرى منهنّ المزيد قريباً: اللّيدى آن بلَنت، دورين إنغرامز، روزيتا فوربز.
أبحرت الرّحّالة البريطانية المثيرة للجدل فى البحر الأحمر فى نوفمبر 1934، ونزلت فى عَدَن المرفأ الرّئيسى للمحميّة البريطانية فى جنوبى جزيرة العرب. كانت المكتشفة النّشيطة الجذّابة الصّغيرة قد حازت على شهرة، واختارت اليمن وبشكل خاص وادى حضرموت النّائى مسرحاً لمغامرتها التالية. وكم ثار من جدل كبير حولها فى لندن، فتوقعوا أنها ستهبط بطائرتها الخاصّة، أو ربما تأتى وهى تقود قافلة جِمال. كان بعضهم على ثقة من أنّ وصولها لم يعنِ أى شيء سوى المتاعب، ولكن مع ذلك احتشد الجميع للقائها فى مقرّ الإقامة البريطانى.
كان هدفها أن تجد مدينة "شَبوة" الخفيّة، عاصمة مملكة حضرموت القديمة (حبس الموت) كما تسمّى فى الأسفار، شَبوة التى ذكرها پلينيوس باسم "سابوتا" المدينة التى زوَّدت بالمؤن قوافل البخور التى تمرّ عبرها، وكتب أنها احتوت على ستين معبداً وثروة لا توصف. لم يحصل أن بلغ مستكشف أوروپى تلك الواحة المفقودة منذ عهد بعيد فى رمال البادية، وكانت نيّة فريا أن تكون أول من يصل إليها. كانت خطتها أن تتسلّق الجُول العالي، وهو جُرف فسيح يفصل ساحل المحيط الهندى عن وادى حضرموت، وهو الأطول والأخصب فى جزيرة العرب، تطوِّقه جُروف نمت على جوانبها نباتات البخور. فكانت حصيلة ذلك كله مغامرة ممتعة شائقة، لم يكن أقلّها وقوع فريا فى عَدَن بحبّ تاجر فرنسى ستذكره فى كتابها مراراً وتكراراً.