تمر، اليوم، الذكرى الـ99 على اكتشاف عالم الآثار البريطانى هوارد كارتر، المتخصص فى تاريخ مصر القديمة مقبرة توت عنخ آمون، وهو من أشهر الفراعنة لأسباب لا تتعلق بإنجازات حققّها أو حروب انتصر فيها كما هو الحال مع الكثير من الفراعنة؛ وإنما لأسباب أخرى تعدّ مهمة من الناحية التاريخية ومن أبرزها هو اكتشاف مقبرته وكنوزه بالكامل دون أى تلف.
وتوصل كارتر للمقبرة عندما كان يقوم بحفريات عند مدخل النفق المؤدى إلى قبر الملك رمسيس الرابع فى وادى الملوك، فلاحظ وجود قبو كبير واستمر بالتنقيب الدقيق إلى أن دخل إلى الغرفة التى تضم ضريح توت عنخ أمون، وكانت على جدران الغرفة التى تحوى الضريح رسوما رائعة على شكل صور تحكى قصة رحيل توت عنخ آمون إلى عالم الأموات، وقد أحدث هذا الاكتشاف ضجة إعلامية واسعة النطاق فى العالم، نظراً للتوصل إلى مومياء الفرعون الصغير كاملة المحتويات، وبكامل زينتها من قلائد وخواتم والتاج والعصى وكلها من الذهب الخالص والأبنوس، وفى السادس عشر من فبراير عام 1923 كان العالم البريطانى هوارد كارتر أول إنسان منذ أكثر من 3000 سنة يطأ قدمه أرض الغرفة التى تحوى تابوت توت عنخ آمون.
وبحسب هيئة الاستعلامات المصرية لاحظ كارتر وجود صندوق خشبى ذى نقوش مطعمة بالذهب فى وسط الغرفة وعندما قام برفع الصندوق لاحظ أن الصندوق كان يغطى صندوقاً ثانياً مزخرفاً بنقوش مطعمة بالذهب، وعندما رفع الصندوق الثانى لاحظ أنه يغطى صندوقاً ثالثاً مطعماً بالذهب، وعند رفع الصندوق الثالث وصل العالم البريطانى إلى التابوت الحجرى الذى كان مغطى بطبقة سميكة من الحجر المنحوت على شكل تمثال لتوت عنخ آمون، وعند رفعه لهذا الغطاء الحجرى وصل إلى التابوت الذهبى الرئيسى الذى كان على هيئة تمثال لتوت عنخ آمون، وكان هذا التابوت الذهبى يغطى تابوتين ذهبيين آخرين على هيئة تماثيل للفرعون الشاب.
واضطر العالم البريطانى ـ مكتشف مقبرة الفرعون الذهبى ـ إلى قطع ثلاثة توابيت ذهبية لكى يصل إلى مومياء توت عنخ أمون، غير أنه لاقى صعوبة فى رفع الكفن الذهبى الثالث الذى كان يغطى مومياء توت عنخ أمون عن المومياء ففكر كارتر أن تعريض الكفن إلى حرارة شمس صيف مصر اللاهبة ستكون كفيلة بفصل الكفن الذهبى عن المومياء، لكن محاولاته فشلت واضطر فى الأخير إلى قطع الكفن الذهبى إلى نصفين ليصل إلى المومياء الذى كان ملفوفاً بطبقات من الحرير، وبعد إزالة الكفن المصنوع من القماش وجد مومياء توت عنخ آمون بكامل زينته من قلائد وخواتم والتاج والعصى وكانت كلها من الذهب الخالص، ولتخليص هذه التحف والمجوهرات من رفات الفرعون الذهبى اُضطر فريق التنقيب إلى فصل الجمجمة والعظام الرئيسية من مفاصلها، مستخدمين النصال والأسلاك لتخليص القناع الذهبى والذى كان مصهوراً على وجه الفتى الذهبى "توت عنخ آمون" خلال عملية التحنيط، وبعد إزالة الحلى أعاد الفريق تركيب الهيكل العظمى للمومياء ووضعوه فى تابوت خشبى فى عام 1926، حيث تم إخراجه ثلاث مرات فقط لإجراء مسوحات بأشعة إكس فى السنوات اللاحقة.