تمر، اليوم، ذكرى ميلاد السلطان محمود غازان، سابع سلاطين الإلخانية فى إيران، حكم ما بين سنة 1295 حتى وفاته 1304، وهو ابن أرغون خان وزوجته قوتلوق خاتون، وهو من سلالة ملكية تنتهى إلى جنكيز خان. ويعتبر بأنه أبرز ملوك دولة الإلخانات وأقواهم.
أن غازان كان مسلما إلا أنه لم يتوقف من غزوه للشام. وهو أحد قادة المغول الكثر الذين كانت لهم علاقات دبلوماسية مع الأوروبيون والصليبيون، وبعد انتصار جيش غازان عاث جنوده فى بلاد المسلمين، فدبت الفوضى فيها خاصة بعد أن فر والى دمشق ومحتسبها إلى مصر، لذا فقد اجتمع ابن تيمية بأعيان دمشق، واتفقوا على السير إلى السلطان غازان والتحدث إليه.
اللقاء الذى جمع ابن تيمية بالسلطان غازان، ذكره الأول فى كتابه "مجموع الفتاوى" حيث ساق الرجل قصة لقاء بينه وبين ملك التتار "محمود غازان" المتوفى عام 703 هـ، وملخصها أنه اجتمع بالملك سنة 699 هـ لينصحه ويأمره بالحسنى وإطلاق أسرى المسلمين واليهود والمسيحيين.
وكا وردت القصة فى مجموع الفتاوى: "لما قدم مقدم المغول غازان وأتباعه إلى دمشق وكان قد انتسب إلى الإسلام؛ لكن لم يرض الله ورسوله والمؤمنون بما فعلوه؛ حيث لم يلتزموا دين الله وقد اجتمعت به وبأمرائه وجرى لى معهم فصول يطول شرحها؛ لا بد أن تكون قد بلغت الملك؛ فأذله الله وجنوده لنا حتى بقينا نضربهم بأيدينا ونصرخ فيهم بأصواتنا.. وكنت حاضرا لما جاءت رسلكم إلى ناحية الساحل وأخبرنى التتار بالأمر الذى أراد صاحب سيس أن يدخل بينكم وبينه فيه حيث مناكم بالغرور وكان التتار من أعظم الناس شتيمة لصاحب سيس وإهانة له؛ ومع هذا فإنا كنا نعامل أهل ملتكم بالإحسان إليهم والذب عنهم. وقد عرف النصارى كلهم أنى لما خاطبت التتار فى إطلاق الأسرى وأطلقهم غازان وقطلو شاه وخاطبت مولاى فيهم فسمح بإطلاق المسلمين.
قال لي: لكن معنا نصارى أخذناهم من القدس فهؤلاء لا يطلقون. فقلت له: بل جميع من معك من اليهود والنصارى الذين هم أهل ذمتنا؛ فإنا نفتكهم ولا ندع أسيرا لا من أهل الملة ولا من أهل الذمة وأطلقنا من النصارى من شاء الله. فهذا عملنا وإحساننا والجزاء على الله. وكذلك السبى الذى بأيدينا من النصارى يعلم كل أحد إحساننا ورحمتنا ورأفتنا بهم" (مجموع الفتاوى 28/ 618)".
وبحسب ما ذكره المقريزي، وقام جماعة من العلماء من أبرزهم الشيخ ابن تيمية، وانطلقوا إلى غازان وسارعوا بأخذ الأمان لأهل دمشق كافة، ولكن غازان لم يف بوعده؛ فعاث جنده من التتر بالغوطة فسادا، يسرقون وينهبون ويقتلون، وتمكن فى البلد، وصار يدعى له على المنابر باسم سلطان المسلمين حامى حمى الدين.
وبعد هذا بأيام حوصر جبل الصالحية (حيث يكثر فيه علماء الحنابلة وفقهاؤهم)، وتم نهب الناس ولم يبق التتار شيئا، "حتى أخذوا ما بالجامع والمدارس والتراب من البسط والقناديل ونبشوا على الخبايا -أى ما يخبئه الناس حيث لا يكاد يعلم أحد، وجرى فيها قتل كثير، وسبي، واغتصبت النساء الحرائر المستورات، وأحرقت المدارس والمساجد، وقتل غير قليل من العلماء الأفاضل. قال المقريزي: "فبلغت عدة من قتل وأسر منها تسعة آلاف وتسعمائة نفس، ولما فرغوا من الصالحية صار التتر إلى المزة وداريا ونهبوهما وقتلوا جماعة من أهلهما فخرج ابن تيمية إلى غازان ليشكو له ما جرى من التتار بعد أمانه"، ويصف المقريزى هول ما فعله التتار فقال: "فضربوا الناس وعصروهم وأذاقوهم الخزى والذل، وكثر مع ذلك القتل والنهب فى ضواحى دمشق".
وهنا كان لابن تيمية مع الملك غازان، فحين سئل ابن تيمية عن هؤلاء التتار، ففصل أمرهم تفصيلا، وأمر بجهادهم وقتالهم، بل جاهدهم بقلمه وبيانه وسنانه