يصدر قريباً رواية للشاعر والروائي السوري سليم بركات بعنوان "الثلوج أكثر خداعاً في غابات التنوب"، في 300 صفحة، والرواية يمكن اعتباره من أصناف روايات الرعب أو القريبة منها، بلا إثارة تتعمد صدمة التخويف، لأن مسار الحكاية مشحون بالوصف المسهب للوقائع المتلاحمة، من غير مبالغة في كلمات التهويل أو المفاجآت المقتحمة التي تتعمدها رواية الرعب عادةً لإحداث ردود فعل فورية في دماغ القارئ.
وتدور أحداث الرواية حول شاب يدعى لوشا في الثلاثين من عمره، يواجه محنة في علاقته بصديقته حين ينحاز قلبه مع الوقت إلى صديقة مشتركة لهما، يهرب من مواجهة نفسه إلى عزلة في الغابة لأسبوع، في وقت شتوي مثلج ليس للنزهات أو التخييم أو التجوال، كما يفعل بعض زوار الغابة عادةً في الصيف. وحين ينتهي أسبوع عزلته في ملجأ صغير بدائي الصنع، ويستنفد ما معه من طعام يحاول العودة إلى بلدته، لكنه لا يهتدي إلى طريق الخروج من الغابة. هنا تبدأ رحلة الجوع والبرد أياماً بعد أيام مليئة بالهواجس والوساوس حتى الهذيان، ضياع ملعون تتهيأ فيه للشاب مواقف مجنونة، وحالات أشبه برحلة في الجحيم، لكن الجحيم هنا هو العاصفة والثلج والجوع والوحشة.
وجاء غلى الغلاف الخلفى للرواية: "شخص يقصد الغابة معتزلاً لأسبوع في شتاء ثلجي لمواجهة نفسه الموشكة على غرام محظور يتيه في العودة من الغابة، ماض يستحضر، تهيؤات مقلقة ومخيفة، جوع طاحن، مغامرة تلقي الضرورات عليها بثقلها الأقصى فرضا لخيارين مرعبين: إما تفضيل الموت جوعا، أو أكل لحم إنسان. إنها رحلة اللاعودة".
كل شيء في وقائع هذه الرواية يقود إلى رعب يجري خافتا تحت طبقة مشاهدها، في التفاصيل الكثيرة المقلقة المعذبة المتوقدة بخيال قوى في رسم خريطة للمتاهة المغلقة، حتى النهاية الصاعقة التي تلخصها سطور قليلة ينبغي للقارئ أن يتهيأ لها. ربما تقول هذه الرواية، في رمزية مضمونها، إن الضرورات قد تدفع بالإنسان إلى ما لا يعرف أنه قادر على فعله أو الإقدام عليه حتى لو كان فعلُه رهيباً مرعباً.