كيف كانت شخصية الخديوى توفيق، هل كان طيبًا كما يقول البعض، سنرى جانبًا مهما من هذه الشخصية في كتاب الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزى لـ المؤرخ الشهير عبد الرحمن الرافعى.
يقول الكتاب
لم يكن ماضى الخديوى توفيق قبل ولايته الحكم ما يسترعي النظر أو يدل على اتجاه معين في سياسته، على أن هذا الماضى كان يبعث الأمل في أن يكون عهده خيرا من عهد إسماعيل، فقد شهد المتاعب التي استهدفت لها البلاد بسبب إسراف أبيه وتورطه في القروض، وتولى الوزارة في ظروف اشتد فيها نفوذ الدول الأوروبية بسبب هذا الإسراف، ورأى بعينيه ما فرضته إنجلترا وفرنسا على أبيه من أن يكون لهما وزيران يمثلانهما ويحميان مصالح الدائنين من الأوروبيين، وكان له في استقامته الشخصية وميله إلى الاقتصاد ما يجعله بمنأى عن أخطاء أبيه.
على أن ثمة ناحية ضعف في شخصيته، وهى أنه كان ضعيف الرأي مترددا، قليل الشجاعة والحزم، فاستشعر الخوف من النفوذ الأوروبي من يوم توليه الحكم، وكان همه الأول طوال عهده النزول على إرادة الدول الأوروبية، ولم يكن مؤمنا بالنظام الدستورى، بل كان في خاصة نفسه من أنصار الحكم المطلق، ومن ذلك تولدت في عهده الأزمات والمشاكل التي تجاوزت في خطورتها وعواقبها ما حدث في عهد أبيه، وفى الحق أن إسماعيل كان أكثر شجاعة وإقداما من توفيق، ولو كان توفيق يجمع إلى خصاله الطييبة شجاعة أبيه، وجرأته وعلو همته، لنجت البلاد من الكوارث التي وقعت ف عهده، ولتغير مجرى التاريخ القومى إلى خير مما كان وأقوم.