تعد البكتيريا من المخلوقات التى ظهرت مبكراً على سطح الأرض، فوجودها سابق لوجود البشر، وهى موجودة فى معظم الأماكن على هذا الكوكب، ويمكنها العيش فى أوساط وبيئات مختلفة كـ "التربة، والمحيطات، وداخل أجسام الكائنات الحية"، لكن هل وجودها ضرورى للاستمرار الحياة والتوازن البيئى، أم أنها مضرة للبشر؟، العديد من الكتب والدراسات تناولت تلك المخلوقات بالدراسة والتحليل، من بينها كتاب "البكتيريا" لمؤلفه سيباستيان إيميس، وترجمة أمين الأيوبى.
ويوضح الكتاب أن البكتيريا تحتل دورًا رئيساً فى النظام البيئى، فهى مهمة جداً للبقاء على قيد الحياة، وتسهم فى العديد من المجالات الحياتية كالزراعة، إذ إن للبكتيريا دوراً مهماً فى تحلّل المواد العضوية، وزيادة خصوبة التربة، وتثبيت النيتروجين بالتربة، وفى الصناعة إذ تستخدم فى الكثير من المجالات الصناعية، كصناعة الزبدة والجبن، وفي الطب إذ تعد مصدراً للمضادات الحيوية، وتستخدم فى عملية إنتاج الأمصال واللقاحات، كما أنّها تنتج بعض الفيتامينات فى أحشائنا، والبكتيريا عنصر رئيس فى التخلص من الفضلات البشرية، ومع ذلك، فنحن لا نعرف سوى ما يقل عن 5 فى المئة من كل البكتيريا الموجودة، فضلاً عن أن سرعة تطورها تعنى أننا لن نحيط أبداً بالمدى الكامل لهذه البكتيريا، التي تشكل الكتلة الإحيائية الأوسع انتشاراً على الأرض.
ويضيف الكاتب ومع أن للبكتيريا فوائد عديدة، فإن منها ما هو ضار ومؤذ لجسم الإنسان، وهي تسمى البكتيريا الممرضة، وتعد الأمراض التى تسببها هذه البكتيريا معدية بطبيعتها، وربما تكون خطيرة وذات مضاعفات تهدد حياة الإنسان، يبحث الكتاب فى أثر البكتيريا فى حياة البشر، سلباً وإيجاباً، وفى طرق محاربتها بواسطة المضادات الحيوية، ويستعرض كيفية عمل هذه العقاقير المستخرجة منها، ومدى انتقائيتها فى محاربة ما صنعت من أجله، لكن لهذه المضادات الحيوية مساوئ وأضراراً يناقشها الكتاب بالتفصيل.
يعالج الكتاب حقيقة صادمة وهى أن مضادات حيوية كثيرة ما عادت تجدى نفعاً، لأن البكتيريا طوّرت مقاومة لتحمي نفسها، وهو ما جعل أنواعاً كثيرة منها عصية على العلاج، بيد أن الكتاب يبشر بتكنولوجيات حديثة ستمكن العلماء من تركيب بكتيريا وتعديلها جينياً خدمة للإنسان، مثلما فى مجالات صنع الأمصال وإزالة التلوث، مؤلف الكتاب هو سيباستيان إيميس بروفسور فى العلاج الكيميائى الميكروبى فى جامعة إدنبرة، وله إصدارات ومقالات بحثية كثيرة.