لكل شاعر وأديب استعاراته الخاصة وإحساسه المختلف بالمطر، الأجواء الشتوية الممطرة التي تدخل على الجميع الشعور بالحب، والحنين، وتخلق حالة من الشجن، تخلق أيضًا حالة أدبية وشاعرية تجسدت في العديد من القصائد والروايات البديعة، منها:
المطر عن نزار قبانى
مُبْحِراً .. نحو فَضَاءٍ آخَرٍ نافضاً عنِّي غُبَاري
ناسياً اسْمي, وأَسْماءَ النَبَاتَاتِ، وتاريخَ الشَجَرْ ..
هارباً من هذه الشَمْسِ التي تجلُدُني بكرابيج الضَجَرْ ..
هارباً من مُدُنٍ نامتْ قُرُوناً تحت أقدامِ القَمَرْ ..
تاركاً خلفي عُيُوناً من زُجَاجٍ وسماءً من حَجَرْ ..
ومَضَافَاتِ تميمٍ ومُضَرْ ..
لا تقولي : عُدْ إلى الشَّمس .. فإِنِّي أَنتمي الآنَ إلى حِزْبِ المَطَرْ
عيناكَ سريران تحت المطر لمحمد الماغوط
الحبُّ خطواتٌ حزينةٌ في القلب
والضجرُ خريفٌ بين النهدين
أيتها الطفلة التي تقرع أجراس الحبر في قلبي
من نافذة المقهى ألمح عينيكِ الجميلتين
من خلال النسيم البارد
أتحسَّسُ قبلاتكِ الأكثر صعوبةً من الصخر .
ظالمٌ أنتَ يا حبيبي وعيناك سريران تحت المطر
بدر شاكر السياب وقصيدته البديعة (أنشودة المطر)
تثاءب المساء ، والغيومُ ما تزالْ
تسحُّ ما تسحّ من دموعها الثقالْ .
كأنِّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام :
بأنَّ أمّه التي أفاق منذ عامْ
فلم يجدها، ثمَّ حين لجّ في السؤالْ
قالوا له : "بعد غدٍ تعودْ .. "لا بدَّ أن تعودْ
وإِنْ تهامس الرفاق أنهَّا هناكْ
في جانب التلّ تنام نومة اللّحودْ
تسفّ من ترابها وتشرب المطر؛
كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباك
ويلعن المياه والقَدَر
وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ .
مطر .. مطر ..
أتعلمين أيَّ حُزْنٍ يبعث المطر؟
وكيف تنشج المزاريب إِذا انهمر؟
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع؟
بلا انتهاء، كالدَّم المراق، كالجياع
كالحبّ، كالأطفال، كالموتى هو المطر
ومنذ أنْ كنَّا صغاراً، كانت السماء
تغيمُ في الشتاء ويهطل المطر
وكلَّ عام – حين يعشب الثرى – نجوعْ
ما مرَّ عامٌ والعراق ليس فيه جوعْ .
مطر ... مطر ... مطر ...
في كل قطرة من المطر
حمراءُ أو صفراء من أجنَّة الزَّهَرْ .
وكلّ دمعةٍ من الجياع والعراة
وكلّ قطرة تراق من دم العبيدْ
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسم جديد
أو حُلمةٌ تورَّدتْ على فم الوليدْ
في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة
ليلة ممطرة لفاروق جويدة
السقفُ ينزفُ فوقَ رأسي
والجدارُ يئنُّ من هول المطرْ
وأنا غريقٌ بين أحزاني تطاردني الشوارع للأزقة .. للحفر !
في الوجه أطياف من الماضي
وفي العينين نامت كل أشباح السهرْ
والثوب يفضحني وحول يدي قيد لست أذكر عمرهُ
لكنه كلُّ العمر ..
رواية "الحب تحت المطر" لنجيب محفوظ
تعتبر رواية “الحب تحت المطر” واحدة من أشهر الروايات للكاتب الروائي العالمي نجيب محفوظ. وقد لاقت هذه الرواية شهرة كبيرة بين أوساط المثقفين والقراء والنُقاد، كما اشتهرت في أوساط العوام على حد سواء.
أبدع نجيب محفوظ في روايته "حب تحت المطر" التي أعطت ملامح الحياة في ظل الحرب والفقر من خلال الأحداث التي حيكت ببراعة قصصية والشخصيات التي عكست العمق في شدة بساطة الإنسان، وهذه الرواية هي واحدة ضمن أعمال نجيب محفوظ التي تهتم باستعراض الوضع الاجتماعي للشارع المصري. فعلى الرغم من وصوله للعالمية، إلا أنه كان دائم الاحتكاك بالشارع المصري ودائم الوصف لمعاناته.
حاول محفوظ من خلال هذه الرواية إعطاء ملامح للحياة في ظل ظروف الحرب والفقر. وكان ذلك من خلال الأحداث التي صاغها ببراعة قصصية، وكذلك الشخصيات التي عكست العمق.