فى بداية العام الحالى 2016، ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسى، كلمة بدار الأوبرا خلال إطلاق مشروع "بنك المعرفة" فى احتفالية يوم الشباب المصرى، قائلاً إن هذا العام هو عام الشباب، الذى يجب أن يتسلح بالمعرفة والثقافة لمواجهة المستقبل، وطالب حينها بإحياء دور الهيئة العامة لقصور الثقافة، التى من المفترض أن تقود المسيرة الثقافية والتوعوية فى مصر، مؤكداً أهمية الثقافة والفنون، ولفت حينها النظر إلى أهمية تشكيل مجموعة وزارية بالتعاون مع المجالس التخصصية والمؤسسات الوطنية المتخصصة لإحياء القصور من خلال التوسع فى تنفيذ الفعاليات الثقافية والفنية وإقامة المسابقات الفنية، وتوفير حافز ثقافى للشباب بها يشكل لديهم دافعا للزيارة والتردد على القصور، وذلك للارتقاء بمستواهم الثقافى والأدبى والفنى.
وبعد إلقاء كلمة الرئيس "السيسى" فى شهر يناير 2016، تم تعيين الدكتور سيد خطاب، رئاسة مجلس إدارة الهيئة العامة لقصور الثقافة، بعدها بشهر وتحديداً فى 18 فبراير 2016، بدلاً من الدكتور محمد أبو الفضل بدران، لتكون هى أولى خطوات التغيير وتحقيق خطة الإحياء التى أوصى بها الرئيس.
وقال "خطاب" فى أولى تصريحاته بعد توليه إدارة هيئة القصور، إن الهدف الأساسى الذى سيقوم بالعمل عليه هو النزول بالثقافة الجماهيرية إلى الشارع المصرى، حتى تصل لكل الشعب المصرى، وحتى يكون هناك زيادة فى رفع التوعية وتنمية المجتمع.
والآن وبعد مضى ستة أشهر على خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسى، وخمسة أشهر على تولى "خطاب" إدارة الهيئة، وبالنظر إلى أرض الواقع، نجد أن ما أوصى به أعلى سلطة فى البلد، لم يتحقق، وأن العام الذى من المفترض أن يكون "عام قصور الثقافة" لم يحقق شيئا فعال حتى الآن، وهذا ما أكده عدد كبير من المثقفين.
فمن جانبه قال الكاتب الكبير سعيد الكفراوى، إن الثقافة المصرية تعيش محنة وواقعاً مأزوماً لم تعشهم فى تاريخها، وذلك بسبب غياب دور كان فى السابق فاعلا ومتجددا وطارحا لأسئلة تسعى إليها الإجابات.
وأضاف "الكفراوى"، أن ما تقدمه قصور الثقافة الآن لم يعد يشكل إجابات الأسئلة التى تدور فى عقل الشباب، لذلك يبتعدون عنها، وهى مازالت غارقة فى تمجيد الماضى وتعيد انتاجه كما هو، و تقدم الفيلم والكتاب و المسرحية و الندوة والأفكار بالظبط كما قدمته سلفا ، فإصداراتها من الكتب تكون بصياغة قديمة من الأربعينيات والخمسينات والستينات لا تروى الظمأ الثقافى للشباب، وندواتها لا تقدم ثقافة حديثة ولا تجيب على اسئلة الشباب المطروحة.
وتابع الكاتب، أن الثقافة المسيطرة على المشهد الثقافى الآن، قديمة و آتية من زمن ولى، فلم تعد تلبى حاجات الشباب أو تعبر عن لحظته الراهنة، مما يجعله يتجه إلى مصادر ثقافته الجديدة المتشعبة والمتعددة فى التقنيات فينتج ثقافته التى تلبى حاجاته، فى الحرية و فى الاختيار والتى تساعده على ممارسة حرية التعبير كما يريد.
وأضاف "الكفراوى"، أنه على الثقافة المصرية أن تكون على مستوى وعى الشباب، ولن يحدث ذلك بالأدوات القديمة التى تستخدمها، ولذلك يجب أن يتم صنع ثقاة جديدة تعبر عن الشباب وتناسبه ليتفاعل معها و يشارك بها ويبدع فيها، ومن ثم استنبات رؤى، يروا من خلالها المستقبل.
أما الروائى إبراهيم عبد المجيد، فأكد أن قصور الثقافة أصبحت تقليدية، وغير فعالة الا فى المناسبات العامة، كما أنها لم تعد تجلب أدباء بشكل كبير إلا فى حالات قليلة، وغير قادرة على عمل ندوات مهمة فى قضايا محورية.
وأضاف "عبد المجيد" فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، أن المسرح فى الهيئة العامة لقصور الثقافة ميزانيته قليلة فلا يقدم أعمال على مستوى، أما الفنون التشكيلية فهى قليلة جداً فى بعض القصور، وقليل من يلجأ إلى المجتمع المدنى، فليس هناك صفحات رسمية لها على مواقع التواصل الاجتماعى إلا قليل.
وتابع الروائى، وبالنسبة إلى الموظفين فهم فى الهيئة بأعداد ضخمة، ويشكلون عبء كبير عليها، والميزانية معظمها تذهب إلى مراتباتهم، ولذلك يجب حل هذا الأمر، كما أنه من المهم زيادة الميزانية نفسها، وأن يسمح للقصور نفسها بالحرية و آلا تكون خاضعة للمحافظات التى توجد بها.
قال الروائى والمفكر السياسى عمار على حسن، أن قصور الثقافة هى وزارة الثقافة الحقيقية، ولذلك فإن دورها الأساسى ليس بإقامة المؤتمرات أو بالمهرجانات التى تعقد، إنما بأداء القصور الذى يجب ان يكون وفق خطة محكمة وليس موسمى كما نرى الآن، ففى رمضان يتم عمل أجندة لأنشطة معينة، وفى معرض الكتاب يتم عمل أجندة لأنشطة معينة، وهذا ليس الدور الحقيقى لقصور الثقافة .
تابع "حسن"، بمرور الوقت تحولت قصور الثقافة إلى مجموعات من الموظفين، وبدأت أدوارها تتراجع سواء على مستوى الأنشطة أو المكتبات، و البعض منها تم إهماله، وبعضها خُرّب، و اصبحت الآن معدومة الفعالية، ودورها ضعيف فى المهمة الموكلة إليها.
وأضاف الكاتب، حين يصل التثقيف وصقل المواهب وأذهان ونفوس المصريين بالمعرفة، إلى القاعدة العريضة للناس، والحفاظ على الثقافات الشعبية المتوارثة الخاصة بكل محافظة على حدى، تكون قصور الثقافة قد أدت دورها .