واحدة من أكثر المجازر وحشية فى حق الأفارقة، كانت مجزرة "زونج"، والتى وقعت فى المحيط الأطلنطى، وراح صحيتها عشرات الأفارقة، فى مثل هذا اليوم منذ 240 عامًا، هى مجزرة قتل فيها مواطنون أفارقة مستعبدون، كانوا على متن سفينة العبيد زونج، وذلك في الأيام التي تلت 29 نوفمبر 1781، راح ضحيتها 142 أفريقيًا، كانوا أخذوا ضمن طاقم سفينة العبيد "زونج".
فى شهر أغسطس 1781، غادرت السفينة زونج، المملوكة لنقابة جريجسون لتجارة الرقيق بليفربول، بقيادة الطبيب والجراح السابق لوك كولينجوود سواحل أكرا وعلى متنها 442 من العبيد الأفارقة لتحل بجزيرة ساو تومي قبل أن تواصل طريقها نحو جامايكا بالبحر الكاريبي. وقبيل مغادرتها، اكتظت هذه السفينة بالعبيد، حيث فضّل كولينغوود مضاعفة الحمولة العادية للسفينة ونقل مزيد من الأفارقة المستعبدين للطرف الآخر من المحيط الأطلسى أملاً في جني أرباح إضافية.
بحلول منتصف نوفمبر 1781، وجد طاقم السفينة زونج، عديم الخبرة، نفسه بعيداً عن جامايكا بسبب خطأ في الطريق. كما لاحظ القائمون على السفينة انتشاراً لعدد من الأمراض مثل الزحار والأسقربوط وسوء التغذية في صفوف العبيد الأفارقة، وأمام تراجع كميات الغذاء والماء الصالح للشرب، لجأ كولينغوود وطاقمه يوم 29 نوفمبر 1781 لإلقاء ما لا يقل عن 130 من العبيد بعرض البحر عقب شد وثاقهم بإحكام.
بسبب أخطاء ملاحية من مسئولى السفينة، وفقدان فى مواد التغذية والمياه الصالحة للشرب، رأى مسئولى السفينة، هو التخلص من العبيد الموجودين على متنها، وذلك من أجل الحفاظ على ما تبقى مواد لصالح بقية الركاب، ومن ناحية أخرى الاستفادة من التأمين.
السفينة كانت مملوكة لنقابة تجارة الرقيق في ليفربول التي أخذت على عاتقها تأمين حياة العبيد، وهو السبب الذي جعل مالكي السفينة يقدمون طلبًا لشركة التأمين لتعويضهم جراء خسارة العبيد، وهو ما قوبل برفض شركة التأمين. وصلت أخبار المجزرة لجرانيفل سارب صاحب شركة تناهض العبودية، الذي حاول محاولات فاشلة لمحاكمة طاقم السفينة بتهمة القتل المتعمد، غيّر أنّه لم يفلح بإصدار حكم ضدهم، ذلك أن القانون كان يشرّع القتل المتعمّد للعبيد في بعض الأحيان.
فى بادئ الأمر، قضت المحكمة بزعامة وليام موراي، إيرل مانشفيلد الأول، لصالح جريجسون. لكن مع إعادة طرح القضية مجدداً عام 1783 عقب اعتراض مسؤولي مؤسسة التأمين، كسبت القضية بعداً أخلاقياً جديداً بإنجلترا بعد ورود معلومات حول قيام كولينغوود بقتل العبيد عمداً سعياً للحصول على تعويض مالي خاصة مع تزايد أعداد المرضى على متن السفينة.
كما جذبت قضية السفينة زونغ اهتمام مناهض العبودية غرانفيل شارب الذي حصل على معلومات حولها من طرف العبد السابق أولوداه إكيانو. وقد حاول غرانفيل بشتى السبل جر المسؤولين عما حصل بسفينة زونغ للمحاكمة بتهمة القتل العمد إلا أن محاولاته كللت بالفشل. وطيلة السنوات التالية، استغلت الجمعيات المناهضة للعبودية بإنجلترا مسألة السفينة زونغ للضغط على البرلمان حول جرائم تجار العبيد لتكلل جهودهم بالنجاح عام 1807 بعد إقرار البرلمانيين قانوناً يجرم الاتجار بالرقيق.