تمر اليوم الذكرى الـ137 على وصول الإمام محمد عبده إلى تونس ويلتقى بعلماء جامع الزيتونة فى رحلة استغرقت أربعين يومًا، وهو مفكر وعالم دين وفقيه وقاضى وكاتب ومجدد إسلامى مصرى، يعد أحد دعاة النهضة والإصلاح فى العالم العربى والإسلامى ورموز التجديد فى الفقه الإسلامى.
كان الإمام محمد عبده مشاركًا فى حركة عرابى، وقد نفى من البلاد عام 1882 إلى بيروت، ثم كتب إليه الأفغانى لينضم إليه فى محاولاته لتأسيس مجلة العروة الوثقى، وأُسّست تلك الصحيفة بعد وصول محمد عبده عام 1884، ودعت إلى نوع من الرابطة الإسلامية وتعاون كل مسلمى العالم لطرد الغزاة الأوروبيين.
ولم تكتمل محاولة حمد عبده مع الأفغاني، وفى آخر عام 1884 ترك عبده الأفغانى وذهب إلى تونس ولم يستقر فيها.
وبحسب مقال للكاتب التونسى أحميده النيفر، لم تكن زيارة الإمام الوحيدة لتونس، حيث سبقها زيارة أولى جاءت فى أعقاب قيام نظام الحماية الفرنسية، وقدم الإمام إلى تونس فى زيارته الثانية بعد أن أقام أياما بالجزائر اجتمع فيها بأعيانها وعلمائها وألقى فيهم محاضرة فسر فيها سورة العصر تفسيرا جاء أطول من تفسيره للسورة ذاتها ضمن معالجته لكامل جزء "عم يتساءلون".
لكن اللافت للنظر هو أن عبده راعى حال المخاطبين فى كل من تونس والجزائر، فقد كيّف شرحه لسورة العصر وتناوله لمسؤولية الإنسان بما يناسب الوضع الاجتماعى والثقافى الخاص بالجزائر فاهتم أكثر بتعلم اللغة العربية وإتقانها وبطبيعة العلاقة بالآخر المختلف دينيا، هذا فى حين تناول نفس المقولة فى السياق التونسى ضمن إطار المؤسسة التعليمية بما يحقّق لها تحصيل الملكة والارتقاء فيها بالعلوم الأساسية.
ويوضح "النيفر" فى مقاله ما يبرز فى مستوى أول أن عبده لم يكن فى محاضرتيه وخاصة فى محاضرة الخلدونية منشغلا بالتفسير قدر انشغاله بالواقع المتردى فى القطرين المسلمين، لكنه كان فى واقعيته تلك يختار من النص القرآنى ما يلائم غايته ويدعم دعواه الإصلاحية، من جهة ثانية إذا استعرضنا الأسلوب المعتمد (تأطير السورة مكية مدنية اللغة والاصطلاح تفسير القرآن بالقرآن) والمراجع التى يحيل عليها (الشافعى- البيضاوى) ذهب بنا الظن أن أن عبده يفهم النص حسب المعانى التى ضبطت زمنَ نزوله وما تلا ذلك بقرنين وأكثر.