"بينما تجرى الحياة.. ثمة أغنية ما تدور فى الخلفية بينما تدور أغنية ما.. ثمة حياة تجرى فى الخلفية".. بتلك الكلمات بدأ الكاتب الساخر عمر طاهر، كتابه "إذاعة الأغانى.. سيرة شخصية للغناء"، الصادر عن دار الكرمة للنشر والتوزيع، والذى يتناول فيه "طاهر" سيرته الشخصية فيما يرتبط بالأغنيات المختلفة، فكثير من الناس من يرتبط عندهم أغنية ما بحدث معين، أو يحدث شئ ما فى حياتهم فيتذكرون أغنية معينة تلائم الموقف أو ترتبط به بشكل أو بآخر.
يحتوى الكتاب 21 أغنية، ترتبط جميعها بذكريات مع الكاتب عمر طاهر، و ارتبطت بمواقف إنسانية مختلفة، فمنها الحزين ومنها السعيد ومنها الذى ارتبط بأشخاص معينة مثل جدته وعمة صديقه.
يقول عمر طاهر فى القصة الخاصة بأغنية عمرو دياب "ميال"، "لو أن شخصاً من جيلنا فقد ذاكرته نتيجة حادث سيارة فستساعده لعبة ألبومات عمرو دياب فى استعادتها جزئياً..هو المطرب الوحيد فى جيله الذى استمعنا إلى ألبوماته بترتيب صدورها، الأمر الذى يساعدط بسهولة على أن تربط كل مرحلة عمرية فى حياتك بألبوم له.
أما أغنية "فاكراك" لنجاة على، فيتذكر خلالها "طاهر"، زيارته لعمة صديقه فى إحدى القرى الجبلية البعيدة فى سوريا، فكانت تتردد بداخل المنزل باستمرار، الأمر الذى جعلها ترتبط بالزيارة من ناحية، وترتبط بالعمة من ناحية أخرى، تلك العمة التى أضفت بآرائها بُعد فلسفى فى طيات القصة، حيث تميزت بالحكمة والتصالح مع العالم فتقول "العسل الموجود أمامك من إنتاجى، كل شئ هنا فى المزرعة أصنعه بنفسى، لم أعد بحاجة إلى العالم، العالم هو الذى صار فى حاجة لى، سأذهب لأعد القهوة"، أو كأنما تقول تعليقاً على هروبها مع حبيبها أيام كانت صغيرة "رغبة الأب وجدت لنخالفها.الخطأ إننى هربت مع مهندس نحل وهو رجل حياته قائمة على اللدغ.
وينتقل عمر طاهر لفقرة أغانى العندليب عبد الحليم حافظ، صافينى مرة، توبة، وموسيقى أغنية تخونوه، فيقول "لا يمكن للواحد أن يعرف بالظبط لما يتسيقظ من نومه تلح عليه أغنية ما، لا كاماتها تعبر بدقة عن حالتك المزاجية، ولا مطربها يحتل مكانة مهمة فى قائمة الأصوات المفضلة، تطل النغمة هى البطل، هى التى علقت بروحك فى موقف عابر من ليلة سابقة ولم تشعر بها وقتها، بالظبط مثل كدمة تتعرض لها فى ركبتك وتؤلمك بعدها بيوم، فتظل تتذكر اصل الإصابة مندهشاً "ماوجعتنيش فى وقتها".
ويأتى بعد ذلك دور أغنيات كوكب الشرق أم كلثوم، التى تسأل فى إحدى اغنياتها هو صحيح الهوى غلاب ؟، وكان قد سمعها عمر طاهر تتردد فى الشارع أثناء تدخينه سيجارة فى شرفة منزله، ويبدأ فى التفكير ليجد إجابة شافية عن هذا السؤال، إلا أنه يغلب فى الآخر ونهى حيرته برد "ماعرفش أنا".