تمر اليوم الذكرى الـ472 على انعقاد مجمع ترنت، وهو المجمع المسكوني التاسع عشر للكنيسة الكاثوليكية، كان انعقاده مدفوعًا بالإصلاح البروتستانتي، الذي وُصف بأنه تجسيد للإصلاح المضاد، وكانت كانت تبعات المجمع مهمة أيضًا في ما يتعلق بطقوس الكنيسة وممارساتها. في المداولات، جعل المجمع النسخة اللاتينية للإنجيل مثالًا رسميًا لقانون الكتاب المقدس.
وجاء انعقاد مجمع ترنت في ظل العداوات الكبيرة، هذا الخلاف أدى إلى ظهور عدد كبير من الكنائس المسيحية، فيما سيعرف في ألمانيا باسم حركة الإصلاح البروتستانتية، ويرجع الفضل الأكبر في انتصار هذه الحركة إلى صمود مارتن لوثر الذي خاض معركة طويلة، حتى إن "ليو العاشر"، بابا الكنيسة الكاثوليكية، أصدر قرارًا بحرمانه كنسيًا عام 1521، بعد تجاوزه الكثير من الخطوط الحمراء، بسبب كتاباته اللاهوتية الثورية، وترجمته للإنجيل –الذي يدرسه كهنة الكنيسة باللاتينية.
أفكار مارتن لوثر سببت مثل ثورة في الفكر الكاثوليكى، وهو ما دعاء البابا بولس الثالث، أن يعقد محاولة أخيرة للإصلاح، فدعا إلى مجمع عام 1542، وهو المجمع الذي سيعرف بعد ذلك بمجمع ترنت لكنه في العام نفسه بدأت محاكم تفتيش ضد الهرطقات البروتستانتية، ما كان سببا طبيعيا لإفشال النقاشات.
وخلال جلسات مجمع ترنت الذى امتد حتى 1563، أعلن المجمع عدد من التقاليد من آباء الكنيسة لتكون المصد الصحيح للإيمان الكاثوليكى، واعطت الكنيسة الحق الأوحد في تفسيرهما، ورفض المجمع الرؤى البروتستانت عن الخلاص والخطيئة، كذلك تمت إعادة تأكيد مبدأ التحول الجوهري في القداس الإلهي مشكلاً أساس فهم الافخارستيا بالمعنى المعاصر، وأما في الدورة الثالثة من 1562 إلى 1563، فقد دافع المجمع عن صحة سر التوبة، وأقرّ شرعية طلب شفاعة القديسين، وعَرَّف ذبيحة القُداس، وكثيرًا من العقائد الخلافية مع المصلحين البروتستانت.
ووفقًا لكتاب "موسوعة تاريخ أوروبا: عصر النهضة (1500-1789م) (الجزء الثاني)" تأليف مفيد الزيدى، فأنه عندما انتهى مجمع ترنت في ديسمبر عان 1563، فإن مطالبات قادة الإصلاح الدينى مثل مارتن لوثر قد لقيت صدى في تثبيت الكنيسة الرومانسية في مواجهة التيارات الأخرى الزاحفة من أحضان اللوثرية مثل الكالفنية والإنكاليكانية، وبدأت الكاثوليكية تسعى لاستعادة مواقعها التي فقدتها في إطار مجمع فيه المؤمنين من أنصارها لكى تغذيهم بعقيدتها.