تمر، اليوم، الذكرى الـ765 على استيلاء هولاكو خان على معقل الحشاشين فى ألموتويدمر قلعتهم، وهى حصن جبلى كان موجودا بوسط جبال البرز أو جبال الديلم جنوب بحر قزوين فى (مدينة رود بار) بالقرب من نهر شاه ورد، تبعد نحو 100 كم عن العاصمة طهران.
وكان يُعتقد أن "ألموت" وهى أشهر هذه المعاقل منيعة على أى هجوم عسكرى وقد اشتهرت بحدائقها ومكتبتها ومختبراتها، و"ألموت" هو الاسم الأسطورى لحصن طائفة الحشاشين، وفى لغة "الديلم" تعنى عش النسر، ولا نعرف البانى الأساسى للقلعة، ويقال إن من بناها أحد ملوك الديلم القدماء وسماها (ألوه أموت) ومعناها عش النسر، وبقيت سلالته تسكنها حتى نهايات القرن الحادى عشر، ثم جددها حاكم علوى عام 860، حتى ظهر حسن الصباح، ورجاله من الحشاشين، فطردوا صاحب القلعة واتخذوها مقراً لإقامتهم وممارسة معتقداتهم وإجراء اجتماعاتهم، وقيل إنهم اشتروها بـ3000 دينار ذهبى.
وقد روى ابن الأثير قصة دخولهم هذه القلعة قائلاً "إن الحسن الصباح كان يطوف على الأقوام يُضلّهم فلما رأى قلعة ألَموت واختبر أهل تلك النواحي، أقام عندهم وطمع فى إغوائهم ودعاهم فى السر وأظهر الزهد ولبس المسح فتبعه أكثرهم، والعلوى صاحب القلعة حسن الظن فيه يجلس إليه يتبرك به، فلما أحكمَ الحسنُ أمره دخل يومًا على العلوى بالقلعة فقال له ابن الصباح: اخرج من هذه القلعة فتبسّم العلوى وظنه يمزح فأمر ابن الصباح بعض أصحابه بإخراج العلوى فأخرجوه إلى دامغان وأعطاه ماله وملَك القلعة".
ظل الحسن الصباح فى هذه القلعة الحصينة بقية حياته، فلم يخرج منها طوال 35 عامًا حتى وفاته، وكان جل وقته يقضيه فى القراءة والمطالعة، والتخطيط لنشر المذهب الباطنى الإسماعيلى النزارى، ومراسلة الدعاة وتجهيز الخطط، وكان همّه الأول والدائم كسب الأنصار والمؤيدين الجدد، والسيطرة على القلاع والبقاع الجديدة.
وقد استلهم الرحالة الإيطالى ماركو بولو فى قصته التى تحمل اسم "أسطورة الفردوس" من قلعة ألموت، وهى معقل الحشاشين، حيث وصفها قائلا: "كانت فيها حديقة كبيرة ملأى بأشجار الفاكهة، وفيها قصور وجداول تفيض بالخمر واللبن والعسل والماء، وبنات جميلات يغنين ويرقصن ويعزفن الموسيقى، حتى يوهم شيخ الجبل لأتباعه أن تلك الحديقة هى الجنة، وقد كان ممنوعاً على أى فرد أن يدخلها، وكان دخولها مقصوراً فقط على من تقرر أنهم سينضمون لجماعة الحشاشين".
لكن المؤرخين قد نفوا هذه الرواية، بحجة أن قلعة ألموت أُحرِقت سنة 1256، بينما وُلد ماركو بولو سنة 1254؛ ويُقال أيضاً إن الطبيعة المناخية لقلعة ألموت التى تُغطيها الثلوج طيلة 7 أشهر فى السنة، تجعل الوادى المُشرفة عليه القلعة غير صالح لزراعة الحدائق.
كذلك استوحى منها الكاتب فلاديمير بارتول قصة روايته الشهيرة "ألموت" وهى تحكى أحداث حقبة زمنية، تزاحمت فيها ممارسات أسطورية كبرى لقائد إسماعيلى.