نشر الناقد حسين حمودة توضيحا حول قضية تصويب نصوص نجيب محفوظ باعتباره واحدا من اللجنة المشكلة من قبل دار ديوان لمراجعة أعمال الكاتب الكبير الراحل قبل نشرها في طبعات جديدة، حيث أورد عبر صفحته الشخصية على موقع فيس بوك الآتى:
"لأنني قد وافقت على أن أكون مشاركا في تصويب الأخطاء في أعمال الأستاذ نجيب محفوظ، ولأن بعض الأصدقاء والصديقات من الصحافة سألوني وسألنني عن حدود هذه المشاركة، ولأن بعضهم قد استخدم تعبير "تنقيح" الطبعات الجديدة، أو تعبير "تحريف" في بعض الطبعات السابقة.. أرجو أن تسمحوا لي بتوضيح بعض النقاط:
ـ الأمر لا يتصل بأي تنقيح... تعبير التنقيح يشير فيما يشير إلى "التشذيب" أو إلى "التعديل" أو إلى "إعادة الصياغة"، بما يعني التدخل في نصوص كتبها الأستاذ نجيب.. وطبعا هذا الأمر غير وارد على الإطلاق.
ـ بخصوص الطبعات السابقة.. هناك ثلاث تجارب اسمحوا لي أن أتوقف عندها:
التجربة الأولى:
في السنوات الأولى من هذه الألفية، كنت أجهز كتابا عن روايات الأستاذ جميعا (باستثناء الروايات التاريخية الثلاث المبكرة)، وقد اعتمدت نسخ طبعة "مكتبة مصر"، ولاحظت أن الطبعات المتأخرة من هذه الدار بها أخطاء نحوية، المسؤول عنها هم المصححون الذين لا يعرفون القواعد، ولم تكن هذه الأخطاء موجودة في الطبعات المبكرة التي صدرت عن الدار نفسها.. وقمت بتصويب هذه الأخطاء، في قوائم وصل عددها إلى ثلاث وعشرين صفحة (فولسكاب).. وقد عرضتها على الأستاذ نجيب، وبتهذيبه الشديد المعهود سألني عما إذا كان بإمكاني أن أسلمها للأستاذ "صلاح" في مكتبة مصر، لتصويب هذه الأخطاء في الطبعات القادمة.. وبالفعل في اليوم التالي ذهبت إلى المكتبة وقدمتها للأستاذ صلاح، وأخبرته أن الأستاذ نجيب طلب أن أوصلها له، وأنه يرجو القيام بهذه التصويبات خلال الطبعات التالية (ومن الطريقة التي رمى بها الأستاذ صلاح "ملف الأوراق" على المكتب، راودني إحساس أنه لن يفعل هذا..
التجربة الثانية:
حدثت بعد وفاة الأستاذ .. كنا نلتقي، مجموعة من أصدقاء الأستاذ، وأذكر منهم الشاعر عبدالرحمن الأبنودي، والأستاذ جمال الغيطاني، والشاعر عماد العبودي، والأستاذ نعيم صبري، والمحامي مجدي يوسف، والدكتور زكي سالم .. كنا نتجمّع في أحد أماكن لقاءات الأستاذ السابقة، وقد اتفقنا على أن نحافظ قدر الإمكان على "قعدة الأستاذ"، وعلى أن يظل هو حاضرا معنا، ولكن بما كتب... وقد اخترنا لتحقيق هذا أن نقرأ بعض أعماله، واتفقنا على أن نبدأ بـ "أحلام فترة النقاهة".. وقد كنا، في تلك الجلسات نقرأ النصوص ونتحاور ونتناقش حولها، وقد لاحظنا أن هناك بعض الأخطاء في نصوص "الأحلام".. [وقد كان الأستاذ، قبل جمعها في كتاب، يرسل نصوصها متفرقة إلى مجلة "نصف الدنيا" لتنشر تباعا.. وفي تلك الفترة كان معظم النصوص بخط الأستاذ الذي لم يكن كامل الوضوح بعد الحادث الذي تعرض له، وقبل أن يوافق، بصعوبة، على أن يملي نصوصه على "الحاج صبري"]. وخلال قراءتنا ومناقشاتنا، كنا نقوم بتصويب بعض الكلمات وعلامات الترقيم.. وقد استمر هذا لجلسات ثلاث لم نستطع أن ننجز فيها سوى عدد من الصفحات، لأن الحوار حول النصوص الغنيّة القابلة للنظر إليها من زوايا عديدة، كان يستغرق معظم الوقت.. ولم يكتمل المشروع لأسباب متعددة.. وأتصور أن القيام بمثل هذه التصويبات على الوجه الأكمل يحتاج لجهد كبير، وبمشاركة عدد كبير من المهتمين بنصوص الأستاذ.
التجربة الثالثة:
حدثت بعد اكتشاف ما لم ينشر من "الأحلام"، وهي النصوص التي نشرتها "دار الشروق" بعد وفاة الأستاذ بسنوات تحت عنوان "الأحلام الأخيرة".. وقد اتصلت بي الدار، وسألتني إذا كان ممكنا أن أقرأها وأتأكد أنها للأستاذ نجيب.. لأنها كانت بخطّ غير خطّه (هو خط الحاج صبري).. وبالفعل أتي الكاتب الصحفي الأستاذ سامح سامي إلى مدينة 6 أكتوبر، وجلسنا معا لساعات طويلة جدا.. قرأت خلالها النصوص كلها (وهي ليست كبيرة الحجم) وقمت بضبط علامات ترقيمها، وتصويب أخطاء كانت محدودة فيها بسبب الإملاء.. ولعل من قرأ هذه النصوص (أي "الأحلام الأخيرة") يلاحظ أن الأخطاء فيها أقل بكثير جدا من الجزء الأول (أحلام فترة النقاهة).. والحقيقة أن "دار الشروق"، في هذا الموقف، كانت مثالا للالتزام والجدية والحرص على الدقة.
وأضافك"وعلى هذا كله أود أن أقول إنني مستعد للمشاركة في أي نشاط إيجابي يخص المزيد من تدقيق نصوص الأستاذ نجيب محفوظ، لتكون سليمة كما كتبها..دون أي تطرق إلى "تنقيح" أو تعديل أو تغيير هذه النصوص، ودون الإساءة إلى أي أحد".
وكان إعلان فوز دار ديوان، بالحقوق الحصرية لأعمال الأديب العالمى، تابعه إثارة كبيرة للجدل، بعد إعلان الأولى أنها ستقوم بتشكيل لجنة من كبار النقاد المصريين لمراجعة أعمال محفوظ، لتصدر لأول مرة طبعة محققة ومراجعة مراجعة دقيقة.
وتشكلت اللجنة من الدكتور حسين حمودة، والدكتور محمد بدوى، والكاتب الصحفى محمد شعير، والكاتب مصطفى بيومى، والشاعر والمترجم أحمد شافعى، والروائى أحمد القرملاوى مدير النشر بدار ديوان.