تحل اليوم ذكرى وفاة الخليفة الفاطمى المستنصر بالله حيث توفى في 10 يناير عام 1094 ميلادية، وقد حكم مصر وهو في الثامنة عشرة من عمره غير أن زمنه يعرف تولى بالشدة المستنصرية إذ كانت الحدث الأبرز الذى أدى في النهاية إلى انهيار حكمه، فقد جاء نقصان منسوب مياه النيل ليسبب أزمة عاتية وتكرر هذا النقصان ليصيب البلاد بكارثة كبرى ومجاعة امتدت لسبع سنوات متصلة من 1065 إلى سنة 1071، وعُرفت هذه المجاعة بالشدة المستنصرية أو الشدة العظمى.
وقد أفاض المؤرخون فيما أصاب الناس من جراء هذه المجاعة من تعذر وجود الأقوات وغلاء الأسعار، حتى ليباع الرغيف بخمسة عشر دينارًا واضطرار الناس إلى أكل الميتة من الكلاب والقطط، والبحث عنها لشرائها. بل أن بعض المؤرخين ذكروا اكل الناس جثث من مات منهم .
وصاحب هذه المجاعة انتشار الأوبئة والأمراض التي فتكت بالناس حتى قيل: إنه كان يموت بمصر عشرة آلاف نفس، ولم يعد يرى في الأسواق أحد، ولم تجد الأرض من يزرعها، وباع الخليفة المستنصر ممتلكاته.
ويقول المقريزي في كتاب إتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا:"ظهر الغلاء بمصر واشتد جوع الناس لقلة الأقوات في الأعمال وكثرة الفسادوأكل الناس الجيفة والميتات ووقفوا في الطرقات فقتلوا من ظفروا به وبيعت البيضة من بيض الدجاج بعشرة قراريط وبلغت رواية الماء دينارا وبيع دار ثمنها تسعمائة دينار بتسعين ديناراً اشترى بها دون تليس دقيق وعم مع الغلاء وباء شديد وشمل الخوف من العسكرية وفساد العبيد فانقطعت الطرقات براً وبحراً إلا بالخفارة الكبيرة مع ركوب الغرر وبيع رغيف من الخبز زنته رطل في زقاق القناديل كما تباع التحف والطرق في النداء: خراج ! خراج ! فبلغ أربعة عشر درهما وبيع أردب قمح بثمانين ديناراً، ثم عدم ذلك كله، وأكلت الكلاب والقطط، فبيع كلب ليؤكل بخمسة دنانير"، وكان نتيجة هذه الأزمة العاتية أن أخذت دولة المستنصر بالله في التداعي والسقوط .