خلال عصر الدولة الحديثة، أصبحت مصر إمبراطورية عظيمة امتدت عبر الشرق الأدنى القديم، ووصلت حدودها الجنوبية إلى الجندل الرابع في النوبة، وشمالاً إلى بلاد الشام، وازدهر الاقتصاد المصرى بدرجة مذهلة، وتعود معظم الآثار المصرية القديمة الأكثر شهرة وإثارة للإعجاب إلى هذه الفترة العظيمة .
بدأت الأسرة الثامنة عشرة "1550-1295 ق.م" مع الملك أحمس الذى طرد الهكسوس، وهم شعب سامي حكم معظم أراضي مصر خلال عصر الانتقال الثانى، وقد اتبع معظم ملوك الدولة الحديثة سياسة خارجية توسعية كرد فعل لما حدث من قبل، واستخدمت الثروة الواردة من التوسعات في تنفيذ العديد من مشاريع البناء في كل مكان بأرض مصر، وخاصة في معبد الكرنك بالأقصر وهو معبد آمون رب طيبة الأكثر أهمية، كما تم دفن معظم ملوك هذه الأسرة في منطقة وادي الملوك الشهيرة.
وصل الفن والعمارة والاقتصاد الوطني إلى آفاق جديدة في عهد حتشبسوت، لم يحكم زوجها، تحتمس الثانى، لسوء الحظ فترة طويلة، بينما كان ابنه من زوجة أخرى تحتمس الثالث لا يزال صغيرًا جدًا أن يحكم، لذا قامت الزوجة الملكية العظمى حتشبسوت، ربما من أجل تأمين عرش مصر بإعلان نفسها ملكًا على البلاد بجانب ابن زوجها الصبى، طورت حتشبسوت مفهوم جديد للملكية وربطت نفسها بولادة إلهية من نسل الرب أمون لإضفاء الشرعية على عهدها، وتركت بصمة عميقة على الساحة الجغرافية والدينية والسياسية في طيبة.
أما تحتمس الثالث، فقد أثبت أنه الملك الأكثر قدرة على الحكم. فخلال فترة حكمه وصلت حدود مصر إلى أبعد مدى، وامتدت آثاره على طول وادي النيل بما في ذلك النوبة، وترك آثاراً عديدة في معبد الكرنك كما فعلت حتشبسوت من قبل. وقد تحقق السلام في المنطقة خلال عهد ابنه أمنحتب الثاني، حيث أن كل من حالة السلام وزيادة التجارة الدولية أتيا ثمارهما في عهد خليفته أمنحتب الثالث. ولم يجاريه سوى القليل من الملوك من حيث جودة مشاريع البناء الخاصة به وحجمها وكميتها، حيث بنى العديد من المنشآت في جميع أنحاء مصر والنوبة، بما في ذلك نصف معبد الأقصر كما هو اليوم، حسب ما ذكرت وزارة السياحة والآثار.
إلا أن أمنحتب الرابع ابن أمنحتب الثالث قد تحول اسمه إلى أخناتون وأعلن تمرده على بقية الأرباب وأنه أنه لا يوجد سوى رب واحد هو آتون والذي مثل على شكل قرص الشمس في السماء. وقد شهدت فترة حكمه تغييرات ثورية أخرى في الأيديولوجية الملكية والفن والعمارة واللغة. ومع ذلك فقد أهمل الشؤون الخارجية لمصر ، وبحلول نهاية حكمه ، فقدت أراضي مصر في بلاد الشام "منطقة فلسطين ولبنان وسوريا".
وقد تلا عصره فترة مضطربة، مع صعود حور محب - الذي كان قائداً سابقاً للجيش- إلى العرش وأكمل عودة الأمور إلى طبيعتها، وعين القائد بارعمسو خليفة له. ومع صعوده إلى العرش تحت اسم رمسيس الأول بدأت الأسرة التاسعة عشرة "حوالي 1295-1186 ق.م"، وخلفه ابنه سيتي الأول وأدخل مصر في عصر الرخاء، كما قام بالعديد من الحملات العسكرية أهمها تلك التي كانت ضد الحثيين، الذين ظهروا كقوة جديدة نشأت في الشرق الأدنى القديم، واستعاد الكثير من الأراضي المصرية المفقودة في بلاد الشام.
أما ابنه رمسيس الثاني العظيم فكان أحد أنجح ملوك التاريخ المصري القديم، فعلى مدار فترة حكمه الطويلة شن العديد من الحروب الناجحة وحقق أول معاهدة سلام مع الحثيين، وترك العديد من الآثار الضخمة في كل ربوع مصر أكثر من أي ملك آخر. في حين قام خليفته وابنه مرنبتاح بشن هجوم كبير ضد قبائل سميت بـ"شعوب البحر"، ومع نهاية عهده انحدرت الأسرة التاسعة عشرة.
مع حكم الملك ست نخت مؤسس الأسرة العشرين "1896 -1069 ق.م" عاد النظام إلى البلاد وكان ابنه رمسيس الثالث آخر محارب عظيم بالدولة الحديثة ومن بعده تدهورت الدولة بشكل مستمر حتى انقسمت إلى قسمين حكمت الأسرة التالية مصر السفلى فقط بينما بقيت مصر العليا تحت حكم الكهنة.