رحل عن عالمنا، أمس، الكاتب الإيراني الكبير إيرج بزشك زاده عن عمر يناهز الرابعة وتسعين عامًا، وهو صاحب الرواية الشهيرة "خالي العزيز نابليون" وهى من الروايات المهمة التى تخلط الجد بالهزل.
وقد بنى الروائى إيرج بزشك زاده روايته على عاصفة من السخرية والأحداث التى توضح مفهوم المؤامرة حين سيطرتها على ذهنية شخصيات تأتى فى القيادة.
تتفرع هذه الفكرة المؤامراتية، بالتدريج، إلى من حولها، وهناك غوص عميق فى المجتمع الإيرانى، وتفاصيل تكشف عن أسئلة راودت الكثير منها عن ذلك المجتمع، عباراتهم الرمزية وطقوس العائلة وسذاجة المواقف التى تتحول إلى حدث عالمى يرتبط بصورة مباشرة بالحربين العالميتين والثورات الدستورية.
وقالت دار المدى عن الرواية إن "بزشك زاده" يركض بنا مسافات طويلة من الضحك المفعم بخطط مراهق تشبه خطط العقلية الإنجليزية الماكرة فى تقسيم الجغرافيات.
وتبدو رواية (خالى العزيز نابليون) مسرحية أكثر منها رواية، هزلية أكثر منها ساخرة، متبعة للتقليد السيرفانتسي حيث دون كيخوته وتابعه سانتشو، يقابلهما هنا الخال العزيز نابليون وتابعه مش قاسم، أطلق الجميع على الخال العزيز اسم نابليون لأنه مهووس بنابليون ويمتلك كل ما كتب عنه بلغتين، هذه الإعجاب المكثف بنابليون ينقلب إلى بارانويا مضحكة، حيث يتوهم الخال العزيز نفسه نابليوناً فارسياً، ويتخيل معاركه التافهة مع قطاع الطرق على أنها معارك نابليونية ضخمة مع الإمبراطورية البريطانية، يستغل الجميع هذه الأوهام في سلسلة طويلة من الصراعات المنزلية التي تدور بين الخال العزيز ووالد الراوي، والراوي هنا هو طفل في الثانية عشرة يعشق ليلى ابنة الخال العزيز ويريد الزواج منها، لهذا يحرص على تصفية الأجواء بين والده والخال العزيز، مستعيناً في ذلك بالعم الساخر واللعوب أسد الله ميرزا، وهو زير نساء من الدرجة الأولى.
نلاحظ ونحن نغرق في تفاصيل الصراعات المضحكة، أن الأطفال هنا – الراوي وليلى – أنضج من الكبار، فبينما يتصرف الكبار جميعهم بهيستيريا وغباء منقطع النظير أحياناً، يتصرف الأطفال بشيء من حس المسئولية، نلاحظ ذلك من محاولات أسد الله ميرزا إقناع الراوي بأن الطريقة الوحيدة للحصول على ليلى كزوجة هو في ممارسة الجنس معها، أو السان فرانسيسكو كما يسميه أسد الله، وهو خيار يرفضه الراوي مراراً لأنه يحب ليلى، كما نلاحظ ذلك في ألاعيب والد الراوي وخداعه المستمر للخال العزيز وتحريك مخاوفه من الإنجليز وغدرهم، تدور أحداث الرواية تدور فترة الحرب العالمية الثانية والإنجليز يقتربون من إيران ويدخلونها، مما يجعل مخاوف الخال تقفز إلى السقف وخاصة عندما يتخيل أنه سيتم نفيه كما نفى الإنجليز نابليون.