كثيراً ما نسمع عن المثل الشعبى الشهير "هم يضحك وهم يبكى"، وكثيراً ما نتساءل باستغراب بعد سماعه "هل هناك هم يمكنه أن يُضحك؟"، وبطبيعة الحال طالما هناك تأكيد فى المثل على وجود هذا "الهم المثير للضحك" فهو موجود بالفعل، وهنا نتساءل سؤال آخر ما شكل هذا الهم؟، وهذا ما يجيب عنه كتاب "ضحك مجروح"، للكاتب الساخر بلال فضل، و الصادر عن دار الشروق.
الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات ساخرة، تناقش الأحوال السياسية والاجتماعية بمصر بشكل خاص والشعوب العربية بشكل عام، فجاءت الـ 46 مقالة التى يحويها الكتاب لتناقش على سبيل المثال ثقافة "السؤال عما لا يستحق لمن لا يفهم".
يناقش "فضل" فى إحدى مقالاته، فكرة المهزلة المأساوية التى باتت تسود حياة المصريين الذين يطلبون الفتوى فى "سفاسف" و تفاهات الأمور، بينما لا يشغلهم مثلاً السؤال عن حكم السكوت على الظلم والفساد، بالإضافة إلى أنهم لا يختارون من يفتوهم بعناية، الأمر الذى جعل معظم الشعب المصرى "فتّاى".
وأشار الكاتب إلى الفكرة السابقة، بعد سؤال سائق تاكسى "غلبان" لأحد الراكبين معه عن حرمانية "بوس الفلوس" من عدمها، دون التفكير فى صلاحية هذا الراكب وفهمه لأمور الدين من عدمها، وانطلاقاً فقط من الثقافة السائدة والخاطئة فى نفس الوقت بأن "كل من يطلق ذقناً هو شيخ".
أما فى مقالة بعنوان "ما الفرق بينك وبين دكر البط؟"، يصف بلال فضل الإنسان الذى لا يسعى ولا يسأل ولا يقاوم ولا يتمرد على العادات الخاطئة، بأن حياته تليق بـ"بنى بجم"، وليس البنى آدم، فيقول "أنا و أنت نعلم أننا لا نعلم، ولا نسعى لكى نعلم، ولا نفعل شيئاً مما افترض الله عز وجل بأننا سنفعله عندما خلقنا".
ويطالب "فضل" الإنسان بأن يتمرد تمرد نبيل، كى يكون بنى آدم بحق وحقيقى، وحتى لا ينسى أنه خلق حراً لا يجب أن يستعبد ولا يُستعبط ولا يأكل على قفاه، والأهم أنه يكون قادراً على أن يرد بقلب جامد على أى حيوان فى أى جنينة حيوانات يسأل فى بجاحة "تفتكر فيه فرق بينى وبينك؟" .
وفى مقال آخر بعنوان "هل يقبل الله صيام الحكام العرب؟"، يناقش "فضل" هل الحكام العرب يصومون، وإذا صاموا فهل يتقبل الله صيامهم على الرغم من أن معظمهم فاسدين، وهل يفرحون بالشهر حقيقةً مثلنا أم يعتبرونه مثل أى شهر آخر، فيقول "أعلم أن ما نفرح به نحن هو لوازم رمضان كالمكسرات والحلويات والياميش والقطائف، والولائم العامرة مبذولة لهم طوال العام، والمبذول كما نعلم مملول، لذلك فكل هذا الهوس الرمضانى بالأكل والشرب، والذى يجتاحنا نحن كشعوب ليس مطروحاً لدى حكامنا، فهم بالتأكيد أكثر فرحاً بالجانب الروحى للصيام، فهم بالتأكيد يحبون شهر رمضان لأنه يتيح لهم أن يجربوا ولو لساعات الجوع الذى يشعر به الشعب طيلة العام، لكى يقولوا ساعة الإفطار "بقى هو ده الجوع اللى بتشتكى منه الشعوب؟! طب ماهو صحى ولذيذ أهوه، طب والله مانا مشبعكوا يا كلاب".
ويضيف "فضل"، من حقى أن استغرب الفرحة التى يقال لنا أن الحكام العرب يشعرون بها عند قدوم شهر رمضان، وإذا كان هذا الشهر لا يغير منهم شيئاً فلماذا يضحكون على ذقوننا بأنهم فرحون ويتبادلون المباركات والتهانئ بقدومه.