تمر اليوم ذكرى حزينة في التاريخ الإسلامي، تتمثل في اغتيال الإمام على بن أبى طالب، كرم الله وجهه، وذلك بعدما ضربه عبد الرحمن بن ملجم غيلة، في شهر يناير من سنة 661، في شهر رمضان من سنة 40 هجرية.
ويقول كتاب "عصر الخلفاء الراشدين: تاريخ الأمة العربية" (الجزء الثالث) لـ محمد أسعد طلس
لم يُصَب الإسلام بفاجعة بعد فاجعته برسول الله ﷺ أعظم من فاجعته بمقتل الإمام على، فإن أبا بكر وعمر وعثمان قد لاقوا حتفهم في ظروف تكاد تكون عادية أو شبه عادية، ثم إنهم قد عاشوا فترةً هادئة في ظل الخلافة الإسلامية، استطاعوا بها أن يتمموا رسالة الرسول الكريم، وينشروا راية الإسلام.
أما الإمام علي عليه السلام فإن الظلمة والخوارج والطغاة خلقوا المشاكل في سبيله منذ يوم تسلَّم خلافة رسول الله إلى أن طُعن بيد أحدهم، وهو ظالمٌ آثمٌ طاغٍ.
روى المؤرخون أن عبد الرحمن بن ملجم الخارجي الحميري أقام في الكوفة يرقب الموعد لقتل الإمام، ثم إنه أقبل آخر الليل ومعه رفيق له يُعينه في عمله المجرم، وأنهما انتظرا الإمام حتى خرج من بيته لصلاة الفجر، فلما رأياه قادمًا استقبلاه بسيفيهما، فأصابه ابن ملجم — لعنه الله — في جبهته حتى بلغ دماغه، ووقع سيف صاحبه في الحائط، وخرَّ الإمام الأمين المأمون صريعًا وهو يقول: لا يفوتنَّكم الرجل، وأحاط القوم بالفاسقَين، فقتلوا الثاني، واستبقوا ابن ملجم، وحُمِلَ الإمام إلى داره فأقام ليلتين ويومًا ثم مات كرَّم الله وجهه.
وقد اختلفت الأقوال في وصية الإمام عليه السلام، فبعضهم يقول: إنه أمر باستخلاف ابنه الحسن عليه السلام، وبعضهم يقول: إنه قال لهم حينما سألوه عن ذلك: «لا آمركم ولا أنهاكم، واللهَ اللهَ في جيرانكم، وزكاة أموالكم، الله الله في الفقراء والمساكين، فأشرِكوهم في معايشكم، والله الله في خولكم وما ملكت أَيمانكم، فإنها كانت آخر وصية لرسول الله ﷺ، وقولوا للناس حُسنًا كما أمر الله، ولا تتركوا الأمر بالمعروف ولا النهي عن المنكر، وعليكم بالتواضع والذل لله، وإياكم والتقاطع والتفرُّق والتدابُر."
أما عمره وقت استشهاده فقد اختلف المؤرخون فيه، يقول الحاكم في المستدرك نقلًا عن محمد بن الحنفية: إن عمره ثلاث وستون سنة، وقيل: بل أربع وستون، وقيل: بل خمس وستون، منها اثنتا عشرة سنة قبل البعثة، وثلاث وعشرون سنة مع النبي ﷺ، وثلاثون سنة بعد وفاة رسول الله.